للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لمبايعة بعض الأعياص من آل عبد الحق. وفطن الوزير مسعود بن رحّو لما دبّروه، وكان في قلبه مرض من ذلك فاغتنمها وبايع لمنصور بن سليمان بن منصور بن عبد الواحد بن يعقوب بن عبد الحق كبير الأعياص المنفرد بالتجلّة. وارتحل به وبقومه من بني مرين إلى المغرب، وتجافى عن تلمسان وشأنها واعترضه عرب المعقل في طريقهم إلى المغرب، فأوقع بهم بنو مرين وصمّموا لصليهم، ورجع السلطان أبو حمّو إلى تلمسان، واستقرّ بحضرته ودار ملكه، ولحق به عبد الله بن مسلم فاستوزره وأسام إليه فاشتدّ به أزره وغلب على دولته كما نذكره إلى أن هلك، والبقاء للَّه وحده.

[الخبر عن مقدم عبد الله بن مسلم من مكان عمله بدرعة ونزوله من ايالة بني مرين إلى أبي حمو وتقليده إياه الوزارة وذكر أوليته ومصاير أموره]

كان عبد الله بن مسلم من وجوه بني زردال من بني بادين إخوة بني عبد الواد وتوجين ومصاب، إلا أن بني زردال اندرجوا في بني عبد الواد لقلّتهم واختلطوا بنسبهم، ونشأ عبد الله بن مسلم في كفالة موسى بن علي لعهد السلطان أبي تاشفين مشهورا بالبسالة والإقدام، طار له بها ذكر وحسن بلاؤه في حصار تلمسان. ولما تغلّب السلطان أبو الحسن علي بني عبد الواد وابتزهم ملكهم استخدمهم، وكان ينتقي أولي الشجاعة والإقدام منهم، فيرمي بهم ثغور المغرب، ولما اعترض بنو عبد الواد ومرّ به عبد الله هذا ذكر له شأنه ونعت ببأسه، فبعثه إلى درعة واستوصى عامله به، فكان له عنه غناء في مواقفه مع خوارج العرب وبلاء حسن، جذب ذلك بضبعه، ورقى عند السلطان منزلته، وعرّفه على قومه.

ولما كانت نكبة السلطان أبي الحسن بالقيروان ومرج أمر المغرب، وتوثّب أبو عنّان على الأمر، وبويع بتلمسان واستجمع حافده منصور بن أبي مالك عبد الواحد لمدافعته، وحشد حامية الثغور للقائه، وانفضّت جموعه بتازى وخلص إلى البلد الجديد ونازلة، وكان عبد الله بن مسلم في جملته. ولما نازلة السلطان أبو عنّان واتصلت الحرب بينهم أياما، كان له فيها ذكر. ولما رأى أنه أحيط بهم، سابق الناس إلى السلطان أبي عنّان فرأى سابقيته وقلّده عمل درعة، فاضطلع بها مدّة

<<  <  ج: ص:  >  >>