للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غازي بن السكّاء [١] حتى انتهى إلى البطحاء. ثم لحق به هنالك ونزمار وقد حشد العرب كافة، وأغذّ السير في اتباع السلطان أبي حمو وبني عامر، وكانوا قد أبعدوا المذهب، ونزلوا على الزواودة وسرّح إليهم السلطان يومئذ عبد العزيز يحملهم على طاعته، والعدول بهم عن صحابة بني عامر وسلطانهم. وسرّح فرج بن عيسى بن عريف إلى حصين لاقتضاء طاعتهم واستدعاء أبي زيان إلى حضرته، ونبذهم عهده، وانتهيا جميعا إلى أبي زيّان مقدمة أوليائه [٢] ، ولحق بأولاد يحيى بن عليّ ابن سبّاع من الزواودة، وانتهيت أنا إليهم فخفظت عليهم الشأن في جواره لما كانت مرضاة السلطان، وحذّرتهم شأن أبي حمو وبني عامر، وأوفدت مشيختهم على ونزمار والوزير أبي بكر بن غازي فدلّوهما على طريقه، فأغذّوا السير وبيّتوهم بمنزلهم على الدوس آخر عمل الزاب من جانب المغرب ففضوا جموعهم، وانتهبوا جميع معسكر السلطان أبي حمو بأموالهم وأمتعته وظهره. ولحق فلّهم بمصاب ورجعت العساكر من هنالك، فسلكت على قصور بني عامر بالصحراء قبلة جبل راشد التي منها ربا ولون ساعون [٣] إليها فأنتهبوها وخرّبوها وعاثوا فيها وانكفؤا راجعين إلى تلمسان. وفرّق السلطان عمّاله في بلاد المغرب الأوسط من وهران ومليانة والجزائر والمرية وجبل وانشريس. واستوسق به ملكه ونزع عنه عدوّه، ولم يبق به يومئذ إلّا ضرمة من نار الفتنة ببلاد مغراوة بوعد من ولد عليّ بن راشد، سخط خالد في الديوان ولحق بجبل بني سعيد. واعتصم به فجهّز السلطان الكتائب لحصاره، وسرّح وزيره عمر بن مسعود لذلك كما ذكرناه في أخبار مغراوة. واحتقر شأنه. وأوفدت أنا عليه يومئذ مشيخة الزواودة، فأوسعهم حباء وكرامة، وصدروا مملوءة حقائبهم خالصة قلوبهم منطلقة بالشكر ألسنتهم. واستمرّ الحال إلى أن كان ما نذكره إن شاء الله تعالى والله تعالى أعلم.


[١] وفي نسخة ثانية: بن الكاس.
[٢] وفي نسخة ثانية: ففارقه أولياؤه.
[٣] وفي نسخة أخرى: التي منها ربا ولون سمعون، وفي نسخة ثانية: التي منها ريا بن سمعون.
ابن خلدون م ١٢ ج ٧

<<  <  ج: ص:  >  >>