للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قومه بنو عبد الواد على أبي تاشفين بما بذل فيهم من العطاء وقسم من الأموال، فنابذوا السلطان أبا حمّو واستصعب عليه أمرهم. وخرج إلى الصحراء وخلف ابنه أبا زيّان في جبال شلف مقيما لدعوته. وبلغ إلى تاسة [١] من ناحية المغرب. وبلغ الخبر إلى أبي تاشفين فبعث عسكرا إلى شلف مع ابنه أبي زيّان ووزيره محمد بن عبد الله ابن مسلم، فتواقفوا مع أبي زيّان ابن السلطان أبي حمو فهزمهم. وقتل أبو زيان بن أبي تاشفين ووزيره ابن مسلم، وجماعة من بني عبد الواد. وكان أبو تاشفين لما بلغه وصول أبيه إلى تاسة، سار إليه من تلمسان في جموعه، فأجفل أبو حمو إلى وادي صا [٢] واستجاش بالأحلاف من عرب المعقل هنالك، فجاءوا لنصره، ورعوا زمامه فنزلها، وأقام أبو تاشفين قبالته وبلغه هنالك هزيمة ابنه ومقتله، فولّى منهزما إلى تلمسان وأبو حمّو في اتباعه. ثم سرّح أبو تاشفين مولاه سعادة في طائفة من العسكر لمحاولة العرب في التخلّي عن أبي حمو، فانتهز فيه الفرصة وهزمه وقبض عليه، وبلغ الخبر إلى أبي تاشفين بتلمسان، وكان يؤمّل النجاح عند سعادة فيما توجه فيه، فأخفق سعيه، وانفض عنه بنو عبد الواد والعرب الذين معه، وخرج هاربا من تلمسان مع أوليائه من سويد إلى مشاتيهم بالصحراء. ودخل السلطان أبو حمّو تلمسان في رجب سنة تسعين وسبعمائة وقدم عليه أبناؤه فأقاموا معه بتلمسان، فطرق المنتصر ابنه المرض فهلك بها لأيام من دخوله تلمسان، واستقرّ الأمر على ذلك، والله أعلم.

[(نهوض أبي تاشفين بعساكر بني مرين ومقتل السلطان أبي حمو)]

لما خرج أبو تاشفين من تلمسان أمام أبيه، واتصل بأحياء سويد، أجمعوا رأيهم على الاستنجاد بصاحب المغرب، فوفد أبو تاشفين ومعه محمد بن عريف شيخ سويد على السلطان أبي العبّاس صاحب فاس، وسلطان بني مرين صريخين على شأنهما، فقبل وفادتهما ووعدهما بالنصر من عدوّهما. وأقام أبو تاشفين عنده ينتظر إنجاز وعده،


[١] وفي نسخة أخرى: تامة.
[٢] ويدعى وادي (زا) وهو الى يمين وادي ملوية. ونطقه عند أهل المغرب بين الصاد والزاي.

<<  <  ج: ص:  >  >>