للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يستبقي. واتصل الخبر ببني مرين وهم في جهات الريف وبلاد بطويّة، فتركوا أثقالهم بحصن تازوطا، وصمدوا إليهم. والتقى الجمعان بوادي نكور، فكان الظهور لبني مرين والدبرة على الموحّدين. وامتلأت الأيدي من أسلابهم وأمتعتهم، ورجعوا إلى تازى وفاس عراة يخصفون عليهم من ورق النبات المعروف عند أهل المغرب بالمشغلة. يوارون به سوءاتهم لكثرة الخصب عامئذ، واعتمار الفدن بالزرع وأصناف الباقلّاء. حتى لقد سميت الواقعة يومئذ بعام المشغلة.

وصمد بنو مرين بعدها إلى تازى، ففلّوا حاميتها أخرى. ثم اختلفت بنو محمد رؤساؤهم وانتبذ عنهم من عشائرهم بنو عسكر بن محمد، لمنافسة وجدوها في أنفسهم من استقلال بني عمهم حمامة بن محمد بالرياسة دونهم، بعد أن كان أومض عندهم منها في عسكر، وابنه المخضّب إيماض من أخلف بارقه. فحالفوا عبد الحق أميرهم وقومه إلى مظاهرة أولياء الموحدين، وحامية المغرب من قبائل رياح الموطنين بالهبط وأزغار لحديث عهدهم بالتوحّش والعزّ منذ إنزال المنصور إيّاهم بذلك القطر من إفريقية، فتحيّزوا إليهم وكاثروهم على قومهم.

وصمدوا جميعا للقاء بني مرين سنة أربع عشرة وستمائة، ودارت بينهم حرب تولّى الصبر مقامها. وهلك فيها أميرهم عبد الحق وكبير بنيه إدريس. وتذامر لمهلكها بنو مرين. وجلّى في تلك الحومة حمامة بن يصليتن من بني عسكر، والأمير ابن محيو السكمي. فانكشفت رياح آخرا، وقتل منهم أبطال. وولّى بنو مرين عليهم بعد مهلك عبد الحق ابنه عثمان تلو إدريس، وشهرته بينهم أدرغال، ومعناه برطانتهم الأعور. وكان لعبد الحق من الولد عشرة، تسعة ذكور وأختهم ورتطليم: فإدريس وعبد الله ورحو لامرأة من بني علي اسمها سوط النساء، وعثمان ومحمد لامرأة من بني ونكاسن اسمها النّوار بنت تصاليت، وأبو بكر لامرأة من بني تنالفت وهي تاغزونت بنت أبي بكر بن حفص، وزيّان لامرأة من بني ورتاجن، وأبو عياد لامرأة من بني وللوى إحدى بطون عبد الواد واسمها أم الفرج، ويعقوب لأم اليمن بنت محلى من بطوية. وكان أكبرهم إدريس الهالك مع أبيه عبد الحق، فقام بأمر بني مرين من بعد عبد الحق ابنه عثمان، بايعه لوقته حمامة بن يصليتن ولمير بن محيو ومن إليهما من مشيخة قومهما. واتبعوا منهزمة رياح وأثخنوا فيهم. وثار عثمان بأبيه وأخيه حتى شفا نفسه منهم ولاذوا بالسلم، فسالمهم على أتاوة يؤدونها إليه وإلى قومه كل سنة. ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>