للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبا يحيى فملكها، وما إليها من درعة سائر بلاد القبلة. وعقد لابنه أبي حديد. وبلغ الخبر إلى المرتضى فسرّح العساكر سنة أربع وخمسين وستمائة لاستنقاذها، وعقد عليهم لابن عطّوش، ففرّ راجعا إلى مراكش، ثم نهض سنة خمس وخمسين وستمائة إلى محاربة يغمراس وبنيه بأبي سليط، فأوقع بهم واعتزم على اتباعه، فثناه عن رأيه في ذلك أخوه يعقوب بن عبد الحق لعهد تأكد بينه وبين يغمراس فرجع. ولما انتهى إلى المقر مدة هذه، بلغه أن يغمراسن قصد سجلماسة ودرعة لمداخلة من بعض أهلها أطمعته في ملكها، فأغذّ السير إليها بجموعه، ودخلها ولصبيحة دخوله وصل يغمراسن لشأنه، فلمّا علم بمكان أبي يحيى من البلد سقط في يده ويئس من غلابه، ودارت بينهم حرب تكافئوا فيها وهلك سليمان بن عثمان بن عبد الحق ابن أخي الأمير أبي يحيى، وانقلب يغمراسن إلى بلده، وعقد الأمير أبو يحيى على سجلماسة ودرعة وسائر بلاد القبلة ليوسف بن يزكاسن، واستعمل على الجباية عبد السلام الأوربي وداود بن يوسف، وانكفأ راجعا إلى فاس. والله تعالى أعلم.

[الخبر عن مهلك أبي يحيى وما كان اثر ذلك من الاحداث التي تمحضت عن استبداد أخيه يعقوب بن عبد الحق بالأمر]

لما رجع الأمير أبو يحيى من حرب يغمراسن بسجلماسة، أقام أياما بفاس. ثم نهض إلى سجلماسة متفقدا لثغورها، فانقلب منها عليلا. وهلك حتف أنفه على سرير ملكه في رجب سنة ست وخمسين وستمائة أمضى ما كان عزما، وأطول إلى تناول الملك يدا. اختطفته المنون عن شأنه ودفن بمقبرة باب الفتوح من فاس، ضجيعا للمولى أبي محمد الفشتالي كما عهد لأهل بيته. وتصدّى للقيام بأمره ابنه عمر واشتمل عليه عامّة قومه. ومالت المشيخة وأهل الحل والعقد إلى عمّه يعقوب بن عبد الحق، وكان غائبا عن مهلك أخيه بتازي، فلما بلغه الخبر أسرع اللحاق بفاس وتوجهت إليه وجوه الأكابر. وأحس عمر بصاغية الناس إليه، وحرّضه أتباعه على الفتك بعمه [١] ، فاعتصم بالقصبة، وسعى الناس في إصلاح ذات بينهما، فتفادى يعقوب عن الأمر، ودفعه لابن أخيه، على أن تكون له بلاد تازى وبطوية وملوية، ولما لحق


[١] وفي نسخة ثانية: به.

<<  <  ج: ص:  >  >>