للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوقيعة المشهورة التي خضدت من شوكتهم، ورجع لشهرين من غزاته، ثم أجمع الرحلة إلى داره بفاس فعقد على مراكش وأعمالها لمحمد بن عليّ بن يحيى من كبار أوليائهم ومن أهل خؤولته، وكان من طبقة الوزراء حسبما يأتي التعريف به وبعشيرته، وأنزله بقصبة مراكش، وجعل المسالح في أعمالها لنظره، وعهد إليه بتدويخ الأقطار ومحو آثار بني عبد المؤمن، وفصل إلى حضرته في شوّال وأراح بسلا، فكان من خبر عهده لابنه ما نذكره ان شاء الله تعالى.

الخبر عن عهد السلطان لابنه أبي مالك وما كان عقب ذلك من خروج القرابة عليه أولاد أخيه إدريس واجازتهم الى الأندلس

لما تلوم السلطان بسلا منصرفه من رباط الفتح وأراح بها ركائبه عرض له طائف من المرض ووعك وعكا شديدا. فلمّا أبلّ جمع قومه وعهد لابنه فيهم أبي مالك عبد الواحد كبير ولده، لما علم من أهليته لذلك. وأخذ له البيعة عليهم، فأعطوها طواعية، وأسف القرابة من ولد أخويه عبد الله وإدريس لأمّهما سوط النساء، ووجدوا في أنفسهم لما يرون أنّ عبد الله وإدريس أكابر ولد عبد الحق، ولهما التقدّم على من بعدهما من ولده، وأنهما أحق بالأمر، فرجعت هنت إلى أذنابها [١] ، ونفسوا عن ابن السلطان لما أخذ له من البيعة والعهد. ونزعوا عنه إلى جبل علودان من جبال غمارة عشّ خلافهم. ومدرج فتنتهم، وذلك سنة تسع وستين وستمائة ورياستهم يومئذ لمحمد بن إدريس وموسى بن رحّو بن عبد الله، وخرج معهم ولد أبي عياد بن عبد الحق وأغزاهم السلطان ولده أبا يعقوب يوسف في خمسة آلاف من عسكره، فأحاط بهم وأخذ بمخنقهم، ولحق به أخوه أبو مالك في عسكره، ومعه مسعود بن كانون شيخ سفيان. ثم خرج في أثرهم السلطان أبو يوسف واجتمع معسكرهم بتافركا ونازلوهم ثلاثا. وهلك في حروبهم منديل بن ورتطليم. ولما رأوا أن أحيط بهم سألوا الأمان، فبذله وأنزلهم. واستلّ سخائمهم ومسح ما في صدورهم، ووصل بهم إلى


[١] وفي نسخة ثانية: فعادت هيف الى أديانها.

<<  <  ج: ص:  >  >>