للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العامّة عاديّة نسبة إلى قوم عاد لتوهّمهم أنّ مباني عاد ومصانعهم إنّما عظمت لعظم أجسامهم وتضاعف قدرهم. وليس كذلك، فقد نجد آثارا كثيرة من آثار الّذين تعرف مقادير أجسامهم من الأمم وهي في مثل ذلك العظم أو أعظم كإيوان كسرى ومباني العبيديّين من الشّيعة بإفريقيّة والصّنهاجيّين وأثرهم باد إلى اليوم في صومعة قلعة بني حمّاد وكذلك بناء الأغالبة في جامع القيروان وبناء الموحّدين في رباط الفتح ورباط السّلطان أبي سعيد لعهد أربعين سنة في المنصورة بإزاء تلمسان وكذلك الحنايا الّتي جلب إليها أهل قرطاجنّة الماء في القناة الرّاكبة عليها ماثلة لهذا العهد وغير ذلك من المباني والهياكل الّتي نقلت إلينا أخبار أهلها قريبا وبعيدا وتيقّنا أنّهم لم يكونوا بإفراط في مقادير أجسامهم وإنّما هذا رأي ولع به القصّاص عن قوم عاد وثمود والعمالقة. ونجد بيوت ثمود في الحجر منحوتة إلى هذا العهد وقد ثبت في الحديث الصّحيح أنّها بيوتهم يمرّ بها الرّكب الحجازيّ أكثر السّنين ويشاهدونها لا تزيد في جوّها ومساحتها وسمكها على المتعاهد وإنّهم ليبالغون فيما يعتقدون من ذلك حتّى إنّهم ليزعمون أنّ عوج بن عناق من جيل العمالقة كان يتناول السّمك من البحر طريئا فيشويه في الشّمس يزعمون بذلك أنّ الشّمس حارّة فيما قرب منها ولا يعلمون أنّ الحرّ فيما لدينا هو الضّوء لانعكاس الشّعاع بمقابلة سطح الأرض والهواء وأمّا الشّمس في نفسها فغير حارّة ولا باردة وإنّما هي كوكب مضيء لا مزاج له وقد تقدّم شيء من هذا في الفصل الثّاني حيث ذكرنا أنّ آثار الدّولة على نسبة قوّتها في أصلها. والله يخلق ما يشاء ويحكم ما يريد

.

<<  <  ج: ص:  >  >>