للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسرّحه لغزو إشبيلية لآخر صفر من سنته، فغنموا ومرّوا بقرمونة [١] في منصرفهم.

فاستباحوها وأثخنوا بالقتل والأسر ورجعوا وقد امتلأت أيديهم من الغنائم. وبعث وزيره محمد بن عطو [٢] ومحمد بن عمران بن عبلة عيونا، فوافوا حصن القناطر وروطة، واستكشفوا ضعف الحامية واختلال الثغور، فعقد ثانية لحافده عمر بن عبد الواحد على مثلها من الفرسان لثالثة من ربيع وأعطاه الراية، وسرّحه إلى بسائط وادلكّ، فرجعوا من الغنائم بما ملأ العساكر بعد أن أثخنوا فيها بالقتل والتخريب وتحريق الزروع واقتلاع الثمار، وأبادوا عمرانها. ثم سرّح ثامن ربيع عسكرا للإغارة على حصن أركش، ووافوه على غرّة فاكتسحوا أموالهم. ثم عقد تاسع ربيع لابنه أبي معروف على ألف من الفرسان. وسرّحه لغزو إشبيلية فساروا حتى توقف عليها.

وانحجزت منه حاميتها، فخرّب عمرانها وحرق زروعها وقطع شجرها. وامتلأت أيدي عسكره سبيا وأموالا، ورجع إلى معسكر السلطان مملوء الحقائب. ثم عقد ثالثة لحافده عمر منتصف ربيع لغزو حصن كان بالقرب من معسكره، وسرّح الرجل من الناشبة والفعلة بالآلات. وأمدّه بالرجل من المصامدة. وغزاة سبتة فاقتحموه عنوة على أهله، وقتلوا المقاتلة وسبوا النساء والذريّة، وأرغموا خده بالتراب.

ولسبع عشرة من الشهر ركب السلطان إلى حصن سقوط قريبا من معسكره، فخرّبه وحرّقه بالنار، واستباحة. وقتل المقاتلة وسبى أهله. ولعشرين من شهره وصل وليّ عهده، الأمير أبو يعقوب من العدوة بنفير أهل المغرب وكافّة القبائل في جيوش ضخمة، وعساكر موفورة، وركب أمير المسلمين للقائهم وبرور مقدمهم. واعترض العساكر الموافية يومئذ فكانت ثلاثة عشر ألفا من المصامدة، وثمانية آلاف من برابرة المغرب متطوّعون كلّهم بالجهاد، فعقد السلطان له على خمسة آلاف من المرتزقة وألفين من المتطوّعة وثلاثة عشر ألفا من الرجل والفين من الناشبة وسرّحه لغزو إشبيلية والإثخان في نواحيها، فعبّى كتائبه ونهض لوجهه. وبث الغارات بين يديه، فأثخنوا وسبوا وقتلوا واقتحموا الحصون واكتسحوا الأموال. وعاج على الشرق والغابة من بسيط إشبيلية فنسف قراها واقتحم من حصونها عدة، وقفل إلى معسكر أمير المسلمين


[١] قرمونة: مدينة الى الشمال الشرقي من إشبيلية على بعد ٣٥ كلم وكانت كورة واسعة تضم عدة مدن وحصون.
[٢] وفي نسخة ثانية: محمد بن عتّو.

<<  <  ج: ص:  >  >>