للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمان وتسعين وستمائة بعد أن استكمل حشده. ونادى في قومه، واعترض عساكره وأجزل أعطياتهم وأزاح عللهم. وارتجل في التعبية واحتل بساحة تلمسان ثاني شعبان وأناخ عليها وضرب معسكره بفنائها. وحجز عثمان بن يغمراسن وحاميتها من قومه، وأدار الأسوار سياجا على عمرانها كلّه، ومن ورائها نطاق الحفير البعيد المهوى.

ورتّب المسالح على أبوابها وفرجها، وسرّح عساكره لمحاصرتها فاقتحموها [١] وآتوا طاعتهم، وأوفد مشيختهم وسط شعبان. ثم سرّح عساكره لمحاصرة وهران وتقرّى البسائط ومنازلة الأمصار، فأخذت مازونة في جمادى الآخرة من سنة تسع وتسعين وستمائة وتنس في شعبان بعده، وتالموت [٢] والقصبات وتامزردكت في رمضان منه، وفيه كان فتح مدينة وهران. وسارت عساكره في الجهات إلى أن بلغت بجاية كما نذكره. وأخذ الرعب بقلوب الأمم بالنواحي، وتغلّب على ضواحي مغراوة وتوجين، وسارت فيها عساكره ودوّختها كتائبه، واقتحمت أمصارها مثل مليانة ومستغانم وشرشال والبطحاء ووانشريش والمرية [٣] وتافركينت، وأطاعه زيري المنتزي ببرشك. وأتى بيعته، وابن علان المنتزي بالجزائر. وأزعج الناكثين منهم عن طاعته، واستألف أهل الطاعة [٤] كما نذكره. وحذره الموحدون من ورائهم بإفريقية ملوك بجاية وملوك تونس، فمدّوا إليه يد المواصلة ولاطفوه بالمتاحفة والمهاداة كما نذكره، وخاطب صاحب الديار المصرية ملك الترك وهاداه وراجعه كما نذكره، ووفد عليه شرفاء مكة بني أبي نمى كما نذكر. وهو في خلال ذلك مستجمع للمطاولة بالحصار والتضييق، متجاف عن القتال إلّا في بعض الأيام، ولم تبلغ أربعة أو خمسة ينزل شديد العقاب والسطوة بمن يميرها ويأخذ بالمرصاد على من يتسلّل بالأقوات اليها. قد جعل سرداق الأسوار المحيطة ملاكا لأمره في ذلك، فلا يخلص إليهم الطيف ولا يكاد يصل إليهم العيث مدّة مقامه عليها، إلى أن هلك بعد مائة شهر كما نذكره. واختطّ بمكان فسطاط المعسكر قصرا لسكناه، واتّخذ به مسجدا لمصلّاه وأدار عليها السور، وأمر الناس بالبناء فبنوا الدور الواسعة والمنازل الرحيبة


[١] وفي نسخة ثانية: وسرّح عساكره الى هنين فافتتحها.
[٢] وفي نسخة ثانية: تاللوت.
[٣] وفي نسخة ثانية: المدية.
[٤] كذا في النسخة الباريسية وفي نسخ أخرى: أهل الظاعنة. وأهل الصاغية وأهل الطاغية.

<<  <  ج: ص:  >  >>