للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البلد المخروب. ثم بدا لمحمد بن الأحمر المخلوع في ولاية السلطان لمنافسات جرت إلى ذلك. وبعث إلى أدفونش هراندة بن شانجة، وأحكم له عقد السلم ولاطفة في الولاية، فانعقد ذلك بينهما سنة ثلاث وسبعمائة واتصل خبره بالسلطان فسخطه ورجّع إليه حصتهم آخر سنة ثلاث وسبعمائة، واتصل خبره بالسلطان لسنة من مقدمهم بعد أن أبلوا وأثخنوا، وطوى لهم على النث واعتمل ابن الأحمر وشيعته في الاستعداد لمدافعة السلطان والارصاد لسطوته بهم. وأوعز إلى صاحب مالقة ابن عمّه الرئيس أبي سعيد فرج بن إسماعيل بن محمد بن نصر، وليه من دون القرابة بما كان له من الصهر على أخته، والمضطلع له بثغر الغربيّة، فأوعز إليه بمداخلة أهل سبتة في خلع طاعة السلطان والقبض على ابن العزفي، والرجوع إلى ولاية ابن الأحمر. وكان أهل سبتة منذ هلك إبراهيم الفقيه أبو القاسم العزفي سنة سبع وسبعين وستمائة قام بأمرهم ولده أبو حاتم. وكان أبو طالب رديفا له في الأمر إلا أنه استبدّ عليه بصاغيته إلى الرئاسة، وإيثار أبي حاتم للخمول مع إيجابه حق أخيه الأكبر، واجابته الداعي من دون دفع [١] إليه فاستقام أمرهما مدّة. وكان من سياستهما من أوّل أمرهما، الأخذ بدعوة السلطان فيما لنظرهما، والعمل بطاعته والتجافي عن السكني بقصور الملك والتحرّج من أبّهة السلطان لمكانهم، فأنزلوا بالقصبة عبد الله بن مخلص قائدا من البيوتات اصطنعوه وجعلوا إليه أحكام البلد، وضبط الحامية له فاضطلع بذلك سنين. ثم أسفه يحيى بن أبي طالب ببعض النزغات الرئاسيّة وحجر عليه الأحكام في ذويه. ثم أغرى به أباه وطالبه، بحساب الخرج لعطاء الحامية وغفلوا عما وراءها من التظنن فيه والريبة به ثقة بمكانه واستنامة إليه. وهم مع ذلك على أوّلهم في موالاة السلطان والأخذ بدعوته والوفود عليه في أوقاته. ولما فسدت ولاية ابن الأحمر للسلطان وعقد على محاولة سبتة وجدّ السبيل إلى ذلك بما طوى صاحب الأحكام بالقصبة على النثّ، فداخله الرئيس أبو سعيد صاحب الثغر بمالقة جاره بسبتة، ووعده الغدر ببني العزفي وأن يصحبهم في أساطيله، فشرّع الرئيس أبو سعيد في إنشاء الأساطيل البحرية، واستنفار الناس للمثاغرة، وأنّ العدو لمالقة بالمرصاد، وشحنها بالفرسان والرجل والناشبة والأقوات، وأخفى وجه قصده عن الناس، حتى إذا


[١] وفي نسخة ثانية: متى روفع إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>