للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مرين أن يفترق وكلمتهم أن تفسد، فبعث الأمير أبو ثابت لحينه إلى تلمسان للأمير أبي زيان وأبي حمو ابني عثمان بن يغمراسن. وعقد لهما حلفا على الإفراج عنهم. ثم أمره أن يمدّه بالآلة ويرفعا له كسر البيت إن كان غير ما أمل. وحضر للعقد أبو حمو فأحكمه ومال أكثر بني مرين وأهل الحل والعقد إلى الأمير أبي ثابت. وتفرّد ببيعة أبي سالم البطانة والوزراء والحاشية والأجناد ومن إليهم، وكان بالبلد الجديد مسكنه، وأشاروا عليه بالمناجزة فخرج وقد عبّى كتائبه، فوقف وتهيّب [١] وخام عن اللقاء ووعدهم الإقدام بالغداة، وكرّ راجعا إلى قصره، فيئسوا منه، وتسلّلوا إذا إلى الأمير أبي ثابت، وهو بمرقب من الجبل مطل عليهم حتى إذا انحجر أبو سالم بالبلد، انحاش إليه الجملة دفعة واحدة. فلما استوفت القبائل والعساكر لديه، زحف إلى البلد الجديد مثوى السلطان وسياج قصوره ومختط عزمه، وانتهى إلى ساحتها مغتنما الفرصة. وخرج إليه أبو زيد [٢] يخلف بن عمران الفودودي، فأرجل عن فرسه بأمر أبي يحيى، وقتل بين يديه قعصا بالرماح. وكان قريب عهد بالوزارة، استوزره السلطان قبيل مهلكه في شعبان من سنة ست وسبعمائة.

وفرّ أبو سالم إلى جهة المغرب وصحبه من عشيرة من أولاد رحّو بن عبد الله بن عبد الحق العبّاسي وعيسى وعلي ابنا رحّو وابن أخيهم جمال الدين بن موسى. وأتبعهم الأمير أبو ثابت شرذمة من عسكره أدركوهم بندرومة، فتقبّضوا عليهم ونفذ أمر السلطان بقتل أبي سالم وجمال الدين، واستبقى الآخرين. وأمر بإحراق باب البلد ليفتحها العسكر، فأطلّ عليهم قهرمان دارهم عبد الله بن أبي مدين الكاتب، وأخبره بفرار أبي سالم، وباتفاق الناس على طاعته. ورغب إليه في المسالمة ليلتهم حتى ينفجر الصباح خشية على دارهم من معرّة العساكر وهجومها ففعل. وأمره الأمير أبو يحيى باعتقال أبي الحجّاج بن اشقيلولة، فاعتقله لقديم من العداوة كانت بينهما، ثم أمر بقتله، وإنفاذ رأسه فقتل. وأمر السلطان ليلتئذ بإضرام النيران حتى إذا أضاء الظلام وبات راكبا، ودخل القصر لصبحه فوارى جده بعد أن صلّى عليه.

وغصّ بمكان الأمير أبي يحيى لما تعدّد فيه الترشيح وفاوض في شأنه كبير القرابة يومئذ


[١] وفي نسخة ثانية: وبهت.
[٢] وفي نسخة ثانية: الوزير.

<<  <  ج: ص:  >  >>