للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وزخرفوها بالزليج والنقوش. وتناغوا في لبس الحرير وركوب الفاره. وأكل الطيب واقتناء الحلي من الذهب والفضة. واستبحر العمران، وظهرت الزينة والترف، والسلطان وادع بداره متملّى أريكته إلى أن هلك كما نذكره إن شاء الله تعالى والله أعلم.

[(الخبر عن مقتل عبد الله بن أبي مدين)]

كان أبو شعيب بن مخلوف من بني أبي عثمان من قبائل كتامة المجاورين للقصر الكبير، وكان منتحلا للدين ومشتهرا به. ولما أجلب بنو مرين على المغرب وجالوا في بسائطه، وتغلّبوا على ضواحيه، صحب البرّ منهم البرّ والفاجر من أهله مثله. وكان بنو عبد الحق قد تحيّزوا لأبي شعيب هذا فيمن تحيّزوه للصحابة من أهل الدين، فكان إمام صلاتهم. وكان يعقوب بن عبد الحق أشدّهم صحابة له، وأوفاهم به ذماما فاتصل به حبله، واتصلت [١] صحابته، وعظم في الدولة قدره وانبسط بين الناس جاه ولده وأقاربه وحاشيته. وربى بنو شعيب هذا عبد الله ومحمد المعروف بالحاج، وأبو القاسم ومن بعدهم من إخوتهم بقصر كتامة في جو ذلك الجاه. وهلك السلطان يعقوب بن عبد الحق فاستخلصهم يوسف بن عبد الحق لخدمته، واستعملهم على مختصاته. ثم ترقى بهم في رتب خدمته وأخصّائه، درجة بعد أخرى إلى أن هلك أبوهم أبو مدين شعيب سنة سبع وتسعين وستمائة وكان المقدّم منهم عند السلطان عبد الله، فاربى [٢] على ثنيات العزّ والوزارة والخلّة والولاية. وتقدّم لحظوته في مجلسه كل حظوة، واختصه بوضع علامته على الرسائل والأوامر الصادرة عنه، وجعل إليه حسبان الخراج والضرب على أيدي العمّال، وتنفيذ الأوامر بالقبض والبسط فيهم. واستخلصه لمناجاة الخلوات والإفضاء بذات الصدور، فوقف ببابه الإشراف من الخاصة والقبيل والقرابة والولد، وسوّدوه وخطبوا نائله. وكان عبد الله قد استعمل مع ذلك أخاه محمدا على جباية المصامدة بمراكش، وهنّأ أبا القاسم


[١] وفي نسخة ثانية: استمرت.
[٢] وفي نسخة ثانية: فأوفى.

<<  <  ج: ص:  >  >>