للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلطان ومخالصته في خلواته مغضيا لذلك. متوقعا النكبة في أكثر أيامه مضطرمة له بالحسد جوانحه، مع ما كان عليه من القيام على حسبان الديوان عرف فيه بسبقه وتشابه صديقه وعدوه. ولما تغلّب السلطان على ضواحي شلف ومغراوة واستعمل على حسبان الجباية، وجعل إليه ديوان العسكر هنالك، وإلى نظره اعتراضهم وتمحيصهم، فنزل على مليانة مع من كان هنالك من الأمراء مثل علي بن محمد الخيريّ والحسن بن علي بن أبي الطلاق العسكري إلى أن هلك السلطان أبو يعقوب، ورجّع أبو ثابت البلاد إلى أبي زيّان وأخيه أبي حمّو فخفّ عليهما، وحلا بعيونهما، واستبلغا في تكريمه وانصرف إلى مغربه. وكان معسكر السلطان يوسف بن يعقوب على تلمسان قد صحب أخاه أبا سعيد عثمان بن يعقوب في حال خموله، وتأكّدت بينهما الخلّة التي رعاها له السلطان أبو سعيد. فلمّا ولي أمر المغرب متّ بذلك إليه، فعرفه له واختصّه وخالصة، وجعل إليه وضع علامته وحسبان جبايته، ومستخلص أحواله، والمفاوضة بذات صدره. ورفع مجلسه في بسائطه، وقدّمه على خاصته. وكان كثير الطاعة للأمير أبي علي ابنه المتغلّب على أبيه قبل أوّل أمره [١] .

ولما استبدّ وخلع أباه انحاش منديل هذا إليه. ثم نزع عنه حين تبيّن اختلال أمره، وكان الأمير أبو الحسن يحقد عليه ولاية أخيه أبي عليّ لما كان بينهما من المنافسة.

وكان كثيرا ما يوغر صدره بإيجاب حق عمر عليه، وامتهانه في خدمته. وطوى له على النث حتى إذا انفرد بمجلس أبيه وفصل عمر إلى سجلماسة أحكم السعاية فيه وإلحاح [٢] في الهلكة التي أحكم [٣] السلطان عليها أذنا واعية، حتى تأذّن الله بإهلاكه. وكان منديل هذا كثيرا ما يغضب السلطان في المحاورة والخطاب دالة عليه وكبرا، فاعتدّ عليه من ذلك كلمات وأحوالا، وسخطه سنة ثمان عشرة وسبعمائة واذن لابنه الأمير أبي الحسن في نكبته، فاعتقله واستصفى أمواله، وطوى ديوانه وامتحنه أياما، ثم قتله بمحبسه خنقا، ويقال جوعا. وذهب مثلا في الغابرين، والله خير الوارثين.


[١] وفي النسخة المصرية: المتغلب على أبيه أول مرّة.
[٢] وفي النسخة المصرية: الآلاء.
[٣] وفي النسخة المصرية: صرّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>