للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عثمان فقدم عليه وعقد له على الحرب ليفرّق الكلمة به، ويوهن ببأسه عزائم السلطان في مطالبته. وجهّز السلطان إليه العساكر من بني مرين وعقد علي حربه للوزير إبراهيم بن عيسى، فزحف إليه وحاصره، وتعلّل عليهم بطلب ابنه، فبعث به السلطان إلى وزيره إبراهيم ليعطي طاعته، فيسلمه، وجاءه الخبر من عيون كانت بالعسكر وأن ابنه كائن بفسطاط الوزير بساحة البحر، بحيث تتأتى الفرصة في أخذه، فبيّت المعسكر، وهجم عبد الحق بن عثمان بحشمه وذويه على فسطاط الوزير، فاحتمله إلى أبيه وركبت العساكر للهيعة، فلم يقفوا على خبر حتى تفقّد الوزير ابن العز في.

واتهموا قائدهم إبراهيم بن عيسى الوزير بممالأة العدوّ على ذلك، فاجتمعت مشيختهم وتقبّضوا عليه، وحملوه إلى السلطان ابتلاء للطاعة واستبصارا في نصح السلطان، فشكر لهم وأطلق وزيره لابتلاء نصيحته. ورغب يحيى بن العزفي بعدها في رضى السلطان وولايته. ونهض السلطان سنة تسع عشرة وسبعمائة إلى طنجة لاختبار طاعته، فعقد له على سبتة واشترط هو على نفسه الوفاء لجباية السلطان، وأسنى هديته في كل سنة. واستمرّت الحال على ذلك إلى أن هلك يحيى العزفي سنة عشرين وسبعمائة. وقام بالأمر بعده ابنه محمد إلى نظر عمّه محمد بن عليّ بن الفقيه أبي القاسم شيخ قرابتهم. وكان قائد الأساطيل بسبتة ووليّ النظر فيها بعد أن نزع القائد يحيى الرنداحي إلى الأندلس، واختلف الغوغاء بسبتة، وانتهز السلطان الفرصة فأجمع على النهوض إليها سنة ثمان وعشرين وسبعمائة وبادروا بإيتاء طاعتهم. وعجز محمد ابن يحيى عن المناهضة، وظنّها محمد بن عيسى من نفسه، فتعرّض للأمر في أوغاد من اللفيف، فاجتمعوا إليه وادفعهم الملأ عن ذلك، وحملوهم على الطاعة، واقتادوا بني العز في إلى السلطان فانقادوا، واحتل السلطان بقصبة سبتة، وثقف جهاتها ورمّ منثلمها وأصلح خللها. واستعمل كبار رجالاته وخواصّ مجلسه في أعمالها، فعقد لحاجبه عامر بن فتح الله الصدراتي على حاميتها، وعقد لأبي القاسم بن أبي مدين على جبايتها والنظر في مبانيها، وإخراج الأموال للنفقات فيها. وأسنى جوائز الملأ من مشيختها، ووفر أقطاعاتهم وجراياتهم. وأوعز ببناء البلد المسمّى أفراك على سبتة، فشرعوا في بنائها سنة تسع وعشرين وسبعمائة وانكفأ راجعا إلى حضرته، والله تعالى أعلم

.

<<  <  ج: ص:  >  >>