للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن سليمان العسكري كبير بني عسكر بن محمد وشيخ بني مرين، وصاحب شوراهم بمجلس السلطان، والمخصوص بصهر من السلطان. عقد له على ابنته فسار في الألوية والجنود وطوّع ضاحية الشرق وقبائله، وافتتح أمصاره حتى انتهى إلى المريّة [١] . ونظّم البلاد في طاعة السلطان، وأحشد مقاتلتها إلى معسكره فلحقوا له وكاثروا جنوده. واستعمل السلطان على وانشريش وعمل الحشم من بني توجين.

وعقد لسعد بن سلامة بن علي على بني يدللتين. وجعل الوالي بالقلعة إلى نظره. وكان خلص إليه بالمغرب قبل فصوله نازعا عن أبي تاشفين لمكان أخيه قريعة محمد من الدولة.

واستعمل السلطان أيضا على شلف وسائر أعمال المغرب الأوسط. واختطّ السلطان بغربي [٢] تلسمان البلد الجديد لسكناه، ونزل عساكره وسماه المنصورية [٣] . وأدار على البلد المخروب سياجا من السور ونطاقا من الخندق. ونصب المجانيق والآلات من وراء خندقه وشيّد قبالة كل برج من أبراج البلد برجا على ساقة خندقه ينضح رماته بالنبل رماتهم، ويشغلونهم بأنفسهم حتى شيّد برجا آخر أقرب منه، وترتفع شرفاته فوق خندقهم. ولم يزل يتقرّب بوضع الأبراج من حدّ إلى ما بعده، حتى اختطها من قرب على ساقه خندقهم. وتماصع المقاتلة بالسيوف من أعيالها، ورتّب المجانيق إلى رجمها ودكّها، فنالت من ذلك فوق الغاية. واشتدّ الحرب وضاق نطاق الحصار. وكان السلطان يصحبهم كل يوم بالبكور والتطواف على البلد من جميع جهاته لتفقّد المقاتلة في مراكزهم، وربما ينفرد في طوافه بعض الأيام عن حاشيته، فاهتبلوا الأمر يحسبونه غرّة. وصفّوا جيوشهم من وراء السور مما يلي الجبل المطلّ على البلد، حتى إذا حاذاه السلطان في تطوافه فتحوا أبوابهم، وأرسلوا عليه عقبان جنودهم، واضطرّوه إلى سفح الجبل حتى لحق بأوعاره، وكاد أن ينزل عن فرسه هو وولّيه عريف بن يحيى أمير سويد. ووصل الصائح إلى المعسكر فركب الأميران ابناه:

ابو عبد الرحمن وأبو مالك، في جموع بني مرين، وتهاوت فرسان المعسكر من كلّ جانب، فشمّر جنود بني عبد الواد إلى مراكزهم. ثم دفعوهم عنها، وحملوهم على


[١] وفي نسخة ثانية: المدية.
[٢] وفي نسخة ثانية: بقرب تلسمان.
[٣] كذا في النسخة الباريسية وفي نسخة ثانية المنصورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>