للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتغلّبوا على الكثير منها، وارتجعوا الجبل ونازلوا السلطان أبا الوليد في عقر داره بغرناطة. ووضعوا عليه الجزية فتقبّلها وأسفّوا إلى التهام المسلمين بالأندلس. فلما فرغ السلطان أبو الحسن من شأن عدوّه وعلت على الأيدي يده، وانفسح نطاق ملكه، دعته نفسه إلى الجهاد.

وأوعز إلى ابنه الأمير أبي مالك أمير الثغور من عمله بالعدوة سنة أربعين وسبعمائة بالدخول إلى دار الحرب، وجهّز إليه العساكر من حضرته وأنفذ إليه الوزراء، فشخص غازيا في الحفل، وتوغّل في بلاد الطاغية واكتسحها، وخرج بالسبي والغنائم إلى أدنى صدره من أرضهم وأناخ بها. واتصل به الخبر بأنّ النصارى جمعوا له، وأغذّوا السير في اتباعه. وأشار عليه الملأ بالخروج من أرضهم وإجازة الوادي الّذي كان تخما بين أرض الإسلام ودار الحرب. وأن يصير إلى مدن المسلمين فيمتنع بها، فلج في إبايته وصمّم على التعريس. وكان قرما ثبتا إلا أنه غير بصير بالحروب لمكان سنه، فصبحهم عساكر النصرانيّة في مضاجعهم قبل أن يركبوا وخاطبوهم في ابايتهم. وأدرك الأمير أبو مالك بالأرض قبل أن يستوي على فرسه فجدلوه واستلحموا الكثير من قومه، واحتووا على المعسكر بما فيه من أموال المسلمين وأموالهم، ورجعوا على أعقابهم. واتصل الخبر بالسلطان فتفجّع لهلاك ابنه، واسترحم له، واحتسب عند الله أجره وفي سبيله قتله. وشرع في إجازة العساكر للجهاد وتجهيز الأساطيل.

[(الخبر عن واقعة الملند والظفر به وظهور اساطيل المسلمين على اسطول النصارى)]

لما بلغ الخبر إلى السلطان باستشهاد ابنه، أخرج وزراءه إلى السواحل لتجهيز الأساطيل. وفتح ديوان العطاء، واعترض الجنود وأزاح عللهم. واستنفر أهل المغرب وارتحل إلى سبتة ليباشر أحوال الجهاد. وتسامعت أمم النصرانية بذلك، فاستعدّوا للدفاع. وأخرج الطاغية أسطوله إلى الزقاق ليمنع السلطان من الإجازة. واستحثّ السلطان أساطيل المسلمين من مراسي العدوة. وبعث إلى الموحدين بتجهيز أسطولهم إليه، فعقدوا عليه لزيد بن فرحون قائد أسطول بجاية من صنائع دولتهم، ووافى ستة

<<  <  ج: ص:  >  >>