للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحيى في رجب من سنة سبع وأربعين وسبعمائة، وكان من قيام ابنه عمر بالأمر، ونزوع الحاجب أبي محمد بن تافراكين في رمضان منها ما ذكرناه، تحرّكت عزائم السلطان لذلك. ورغبه ابن تافراكين في ملك الموحّدين، فرغب وجاء على أثره الخبر بما كان من قتل عمر لأخيه أحمد وليّ العهد، وكان يستظهر على عهده بكتاب أبيه، وما أودعه السلطان بحاشيته من الوفاق على ذلك بخطه، واقتضاه منه حاجبه أبو القاسم بن عتّو في سفارته إليه، فامتعض السلطان لما أضاع عمر من عهد أبيه، وهدر من دم أخيه. وارتكب مذاهب العقوق فيهم، وخرق السباج الّذي فرضه بخطّه عليهم، فأجمع الحركة إلى إفريقية ولحق به خالد بن حمزة بن عمر نازعا إليه ومستغذّا مسيره، ففتح ديوان العطاء ونادى في الناس بالمسير إلى إفريقية، وأزاح عللهم. وكان صاحب بجاية المولى أبو عبد الله حافد مولانا الأمير أبي يحيى، وفد على السلطان أبي الحسن إثر مهلك جدّه بقرب المآب [١] بسفارة أبيه إليه، ويطلب الإقرار على عمله. فلما استيأس منه واستيقن حركته بنفسه إلى إفريقية، طلب الرجوع إلى مكانه فأسعف وفصل إلى بجاية.

ولما قضى السلطان منسك الأضحى من سنة تسع وأربعين وسبعمائة عقد لابنه الأمير أبي عنّان على المغرب الأوسط، وعهد إليه بالنظر في أموره كافة، وجعل إليه جبايته، وارتحل يريد إفريقية. وسار في جملته هو وخالد بن حمزة أمير البدو. ولما احتلّ بوهران ووافاه هنالك وفد قسطيلة وبلاد الجريد، يقدمهم أحمد بن مكي أمير حربه [٢] ورديف أخيه عبد الملك في إمارته، ويحيى بن محمد بن يملول أمير توزر سقط إليها بعد خروج الأمير أبي عمر العبّاس ولي العهد عنها، ومهلكه بتونس، وأحمد بن عامر بن العابد رئيس نفطة، رجعا إليهما كذلك بعد مهلك وليّ العهد، فلقيه هؤلاء الرؤساء بوهران في ملإ من وجوه بلادهم، فآتوه بيعتهم وقضوا حق طاعته. وتثاقل محمد بن ثابت أمير طرابلس عن اللحاق به، فبعث بيعته معهم، فأكرم وفدهم وعقد لهم على أمصارهم، وصرفهم إلى أعمالهم. وتمسّك بأحمد بن مكي لصحابة ركابه، وفي جملته، وأغذّ السير. ولما احتل ببني حسن من أعمال بجاية، وافاه بها منصور بن فضل بن مزني أمير بسكرة وبلاد الزاب في وفد من أهل


[١] كذا في النسخة الباريسية وفي النسخة المصرية: المتات وفي نسخة ثانية: المتاب وفي أخرى المناب.
[٢] وفي نسخة أخرى: أمير جربة.

<<  <  ج: ص:  >  >>