للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الخبر عن تملك السلطان أبي عنان بجاية وانتقال صاحبها الى المغرب)

لما وصل السلطان أبو عبد الله محمد ابن الأمير أبي زكريا يحيى صاحب بجاية إلى السلطان بمكانه من المدية في شعبان من سنته، وأقبل السلطان عليه، وبوّأه كنف ترحيبه وكرامته، خلص الأمير به نجيّا، وشكا إليه ما يلقاه من أهل عمله من الامتناع من الجباية والسعي في الفساد، وما يتبع ذلك من زبون الحامية واستبداد البطانة. وكان السلطان متشوّقا لمثلها، فأشار عليه بالنزول عنها، وأن يديله عنها بما شاء من بلاده، فسارع إلى قبول إشارته، ودسّ إليه مع حاجبه محمد بن أبي عمرو أن يشهد بذلك على رءوس الملاء، ففعل، ونقم عليه بطانته ذلك، وفرّ بعضهم من معسكره، فلحق بإفريقية، ومنهم علي ابن القائد محمد بن الحكيم. وأمره السلطان أن يكتب بخطّه إلى عامله على البلد بالنزول عنها وتمكين عمّال السلطان منها ففعل وعقد السلطان عليها لعمر بن علي الوطاسي من أولاد الوزير الّذي ذكرنا خبر انتزائهم بتازوطا من قبل، ولما قضى السلطان حاجته من المغرب الأوسط واستولى على بجاية، انكفأ راجعا إلى تلمسان لشهود الفطر بها، ودخلها في يوم مشهود، وحمل أبا ثابت ووزيره يحيى بن داود على جملين يخطوان بهما في ذلك المحفل بين السماطين، فكانا عبرة لمن حضر وسيقا من الغد إلى مصارعهما، فقتلا قعصا بالرماح، وأنزل السلطان المولى الأمير أبا عبد الله صاحب بجاية خير نزل، وفرش له في مجلسه تكرمة له إلى أن كان من توثّب صنهاجة وأهل بجاية بعمر بن علي ما نحن ذاكروه إن شاء الله تعالى.

[(الخبر عن ثورة أهل بجاية ونهوض الحاجب اليها في العساكر)]

كان صنهاجة هؤلاء من أعقاب ملكانة [١] ملوك القلعة وبجاية، نزل أولوهم بوادي


[١] وفي نسخة ثانية: تكلاته.

<<  <  ج: ص:  >  >>