للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفضل وأجاره، وجهز به أسطولا إلى مراسي المغرب. وأنزله بساحة السوس، فلحق بالسكسيوي عبد الله ودعا لنفسه. وبلغ الخبر إلى السلطان بين مقدم حاجبه ابن أبي عمرو من فتح بجاية سنة أربع وخمسين وسبعمائة فجهّز عساكره إلى المغرب، وعقد على حرب السكسيوي لوزيره فارس بن ميمون بن وردار وسرّحه إليه، فنهض من تلمسان لربيع سنة أربع وخمسين وسبعمائة وأغذّ السير إلى السكسيوي ونزل بمخنقه، وأحاط به، واختطّ مدينة لمعسكره وتجهيز كتائبه بسفح جبله، سماها القاهرة.

واستبدّ الحصار على السكسيوي وأرسل إلى الوزير في الرجوع إلى طاعته المعروفة، وأن ينبذ العهد إلى أبي الفضل، ففارقه وانتقل إلى جبال المصامدة.

ودخل الوزير فارس إلى أرض السوس فدوّخ أقطارها، ومهّد الحال [١] ، وسارت الألوية والجيوش في جهاته، ورتّب المسالح في ثغوره وأمصاره مثل ايغري وفوريان وتارودانت، وثقف أطرافه وسدّ فروجه. وسار أبو الفضل في جبال المصامدة إلى أن انتهى إلى صناكة، وألقى بنفسه على ابن حميدي منهم مما يلي بلاد درعة، فأجاره وقام بأمره. ونازلة عامل درعة يومئذ عبد الله بن مسلم الزردالي من مشيخة دولة بني عبد الواد، كان اصطنعه السلطان أبو الحسن منذ تغلّبه عليهم، وفتحه لتلمسان سنة سبع وثلاثين وسبعمائة فاستقرّ في دولتهم، ومن جملة صنائعهم، فأخذ بمخنق ابن حميدي وأرهبه بوصول العساكر والوزراء إليه، وداخله في التقبّض على أبي الفضل، وأن يبذل له في ذلك ما أحبّ من المال، فأجاب ولاطف عبد الله بن مسلم الأمير أبا الفضل ووعده من نفسه الدخول في الأمر، وطلب لقاءه، فركب إليه أبو الفضل. ولما استمكن منه عبد الله بن مسلم تقبّض عليه، ودفع لابن الحميدي ما اشترط له من المال، وأشخصه معتقلا إلى أخيه السلطان أبي عنان سنة خمس وخمسين وسبعمائة فأودعه السجن، وكتب بالفتح إلى القاصية. ثم قتله لليال من اعتقاله خنقا بمحبسه. وانقضى أمر الخوارج، وتمهّدت الدولة إلى أن كان ما نذكره إن شاء الله تعالى.


[١] وفي نسخة ثانية: ومهّد انحاءه.

<<  <  ج: ص:  >  >>