للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يبعثوا إليه طبيب دارهم إبراهيم بن زرور الذمّي، وامتنع من ذلك اليهودي، واعتذر وردّوه فتنكّر لهم السلطان، ولما وصل إلى فاس من فتح قسنطينة وإفريقية تقبّض على وزيره والمشيخة من قبله، تجنيا عليهم إذ لم يبادروا السلطان بنفسه أو حاجبه للتهنئة [١] . وأظلم الجوّ بينهم، واعتزم على النهوض إليهم وكانوا منحاشين بالجملة إلى الطاغية بطرة بن أدفونش صاحب قشتالة، منذ مهلك أبيه الهنشة على جبل الفتح سنة إحدى وخمسين وسبعمائة ثم استبدّ رضوان على الدولة بعد مهلك أبي الحجّاج، فكانت له صاغية إليه، ظاهرها النظر للمسلمين بمسالمة عدوّهم. وكان السلطان أبو عنان يعتدّ ذلك عليهم، وعلم أنه لا بدّ أن يمدّهم بأساطيله ويدافعوه عن الإجازة إليهم. وكان بين الطاغية بطرة وبين قمص برشلونة فتنة هلك فيها أهل ملّتهم، فصرف السلطان قصده إلى قمص برشلونة وخاطبه في اتصال اليد على ابن أدفونش، واجتمع أسطول المسلمين وأسطول النصارى القمص بالزقاق، وضربوا لذلك الموعد وأتحفه السلطان بهديّة سنيّة من متاع المغرب وماعونه، ومركب ذهبيّ صنيع، ومقرب من جياده وأنفذها إليه، فبلغت تلمسان، وهلك قبل وصولها إلى محلها، ولما هلك السلطان أبو عنان أمّل أخوه المولى أبو سالم ملك أخيه، وطمع في مظاهرة أهل الأندلس له على ذلك لما كان بينهم وبين أخيه، واستدعاه أشياع من أهل المغرب، ووصل البعض منهم إليه بمكانه من غرناطة، وطلب الاذن من رضوان في الإجازة، فأبى عليه، فأحفظه ذلك. ونزع إلى ملك قشتالة متطارحا بنفسه عليه أن يجهّز له الأسطول للإجازة إلى المغرب، فاشترط عليه وتقبّل شرطه. وأجازه في أسطوله إلى مراكش، فامتنع عامر من قبوله لما كان فيه من التضييق والحصار بحضرة سليمان بن داود كما ذكرناه. فانكفأ راجعا على عقبه. فلما حاذى طنجة وبلاد غمارة وألقى بنفسه إليهم، ونزل من الصفيحة من بلادهم. واشتملت عليه قبائلهم، وتسايلوا إليه من كل جانب وبايعوه على الموت.

وملك سبتة وطنجة، وبها يومئذ السلطان أبو العبّاس بن أبي حفص صاحب قسنطينة لحق بها بعد الخروج من اعتقاله بسبتة كما ذكرناه، فاختصّه المولى أبو سالم


[١] وفي نسخة ثانية: إبراهيم بن زرزر الذمي، وامتنع من ذلك اليهودي، واعتذر واعذره، فنكر لهم السلطان قبله، ولما وصل الى فاس من فتح قسنطينة وافريقية وتقبّض على وزيره والمشيخة من قبله، تجنيا عليهم، إن لم يبادر السلطان بنفسه وحاجبه للتهنئة.

<<  <  ج: ص:  >  >>