للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(الخبر عن مقتل الوزير عمر بن عبد الله واستبداد السلطان عبد العزيز بأمره)]

كان عمر قد عظم استبداده على السلطان عبد العزيز فحجره ومنعه من التصرّف في شيء من أمره. ومنع الناس من النهوض له في شيء من أمورهم. وكانت أمّه حذرة عليه إشفاقا وحبّا.

وكان عمر لما ملك أمره واستبدّ عليه، سما إلى الإصهار إليهم في بنت السلطان أبي عنان، واشترط لها زعموا تولية أخيها الأمير ونمي ذلك إلى السلطان، وأن عمر مغتاله لا محالة. وقارن ذلك أنّ عمر أوعز إلى السلطان بالتحوّل عن قصره إلى القصبة، فركب أسنّة الغدر لاضطراره واعتزم على الفتك به، وأكمن بزوايا داره جماعة من الرجال وأعدّهم بالتوثّب به. ثم استدعاه إلى بيته للمؤامرة معه على سنته، فدخل معه وأغلق الموالي من الخصيان باب القصر من ورائه. ثم أغلظ له السلطان بالقول وعتبة. ودلف الرجال إليه من زوايا الدار فتناولوه بالسيوف هبرا. وصرخ ببطانته بحيث أسمعهم فحملوا على الباب وكسروا أغلاقه فألفوه مضرّجا بدمائه، فولّوا الأدبار وانفضّوا من القصر وانذعروا وخرج السلطان إلى مجلسه فاقتعد أريكته واستدعى خاصته. وعقد لعمر بن مسعود بن منديل بن حمامة من بني مرين وشعيب بن ميمون بن وردان من الجشم ويحيى بن ميمون بن المصمود من الموالي، وكملت بيعته منتصف ذي القعدة سنة ثمان وستين وسبعمائة وتقبّض على عليّ بن الوزير عمر وأخيه وعمّه وحاشيتهم، وسرّ بهم واعتقلهم حتى أتى القتل عليهم لليال. واستأصل المكان شأفتهم وسكن وأمن ورد النافرين بأمانه وبسط بشره ثم تقبّض لأيام على سليمان بن داود ومحمد السبيع، وكانا في مخالصة عمر بمكان فاعتقلهما استرابة بهما ولشيء نمى له عنهما. وأودعهما السجن إلى أن هلكا واعتقل معهما علال بن محمد والشريف أبا القاسم ريبة بصحابتهما. ثم امتنّ عليهما بشفاعة ابن الخطيب وزير ابن الأحمر وأقصاه. ثم أطلق عنانه في الاستبداد وقبض أيدي الخاصّة والبطانة عن التصرّف في شيء من سلطانه إلّا بإذنه وعن أمره. وهلك لأشهر من استبداد الوزير شعيب بن ميمون. ثم هلك يحيى بن ميمون على ما نذكره إن شاء الله تعالى

.

<<  <  ج: ص:  >  >>