للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صنائع دولتهم. وأوعز إليه بالتضييق على عامر والأخذ بمخنقه وإلجائه إلى الطاعة.

وانقلب إلى فاس، واعتزم على الحركة إلى تلمسان. وبينما هو في الاستنفار لذلك إذ جاءه الخبر بأنّ علي بن أجّانا نهض إلى عامر وحاصره أياما. وأن عامرا زحف إليه.

ففضّ معسكره وتقبّض على ابن أجّانا والكثير من العسكر، فاعتقلهم، فقام السلطان في ركائبه وقعد، وأجمع أمره على النهوض إليه بكافة بني مرين وأهل المغرب، فبعث في الحشود وبثّ العطاء، وعسكر بظاهر البلد حتى استوفى الغرض وعقد على وزارته لأبي بكر بن الغازي بن يحيى بن الكاس، لمكان فيه من مخايل الرئاسة والكفاية، وارتفع محله. وارتحل سنة سبعين وسبعمائة فاحتلّ بمراكش، ثم خرج إلى منازلة الجبل ونازلة [١] ، وكان عامر بن محمد قد نصب بعض الأعياص من آل عبد الحق من ولد أبي ثابت بن يعقوب اسمه تاشفين، ولحق به علي بن عمر ويعلان من شيوخ بني ورتاجن كبير بني مرين، وصاحب الشورى فيهم لعهده، فاشتدّ أزره به. وتوافي به كثير من الجند النازعين عن السلطان رهبة من بأسه أو سخطة لحاله، أو رغبة فيما عند عامر فرتبهم [٢] . وأمسك الله يده عن العطاء، فلم تنس [٣] بقطرة. وطال مثوى السلطان بساحته وعلى حصاره. ورتّب المقاعد للمقاتلة وغاداه للقتال وراوحه. وتغلّب على حصونه شيئا فشيئا إلى أن تعلّق بأعلى جبل تامسكروط، وكان لأبي بكر بن غازي غناء مذكور، ويئس أصحاب عامر وأشياعه من عطائه. وفسد ما بينه وبين علي بن عمر هذا، فدس إلى السلطان يطلب الأمان، وتوثّق لنفسه ثم نزع إليه. وداخله فارس بن عبد العزيز أخي عامر في القيام بدعوة السلطان والخلاف على عمّه، لما كان يوسق به من إرهاف الحدّ وتفضيل ابنه أبي بكر عليه فبلغ خبره إلى السلطان واقتضى له وثيقة من الأمان والعهد بعث به إليه فثار بعمّه. واستدعى القبائل من الجبل فأجابوه واستحث السلطان للزحف إليهم، فزحفت العساكر والجنود واستولت على معتصم الجبل. ولما استيقن عامر أن قد أحيط به أوعز إلى ابنه أن يلحق بالسلطان مموّها بالنزوع، فألقى بنفسه إليه وبذل له


[١] وفي نسخة ثانية: ثم خرج إلى منازلته.
[٢] وفي نسخة ثانية: قريبهم.
[٣] وفي نسخة ثانية: لم يسل.

<<  <  ج: ص:  >  >>