للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفرغ من شأن عامر ورجع إلى فاس، ولقي [١] بها أبو بكر بن عريف أمير سويد في قومه من بني مالك بحللهم وناجعتهم، صريخا على أبي حمّو لما نال منهم. وتقبّض على أخيهم محمد ورؤساء بني مالك جزاء بما يعرف لهم ولسلفهم من ولاية صاحب المغرب. ووفد عليه رسل أهل الجزائر ببيعتهم يستحثّون السلطان لاستنقاذهم من لهواته. وأمر السلطان بذلك وليه ونزمار ومحمد بن زكراز صاحب دبدو فزعموا له بالغناء في ذلك واعتزم على النهوض إلى تلمسان وبعث الحاشدين إلى مراكش للاحتشاد، وتوافي الناس ببابه على طبقاتهم أيام منى من سنة إحدى وسبعين وسبعمائة وأفاض العطاء وأزاح العلل، ولما قضى منسك الأضحى اعترض العساكر ورحل إلى تلمسان، واحتل بتازى. وبلغ خبر نهوضه إلى أبي حمّو، فجمع من إليه من زناتة الشرق وبني عامر من عرب المعقل وزغبة. وتوافت جموعه بساحة تلمسان واضطرب هنالك معسكره واعترض جنوده واعتزم على الزحف للقاء بني مرين ثقة بمكان المعقل. وتحيّز من كان معه من عرب المعقل الأحلاف وعبيد الله إلى السلطان عبد العزيز بمداخلة وليّهم ونزمار. واجتمعوا إليه وسرّح معهم صنائعه فارتحلوا بين يديه وسلكوا طريق الصحراء. وبلغ خبر تحيّزهم وإقبالهم إلى أبي حمّو فأجفل هو وجنوده وأشياعه من بني عامر وسلكوا على البطحاء. ثم ارتحلوا عنها وعاجوا على منداس، وخرجوا إلى بلاد الديالم. ثم لحقوا بوطن رياح فنزلوا على أولاد سبّاع بن علي بن يحيى.

وارتحل السلطان عبد العزيز من تازي وقدّم بين يديه وزيره أبا بكر بن غازي، فدخل تلمسان وملكها. ورحل السلطان على أثره واحتل بتلمسان يوم عاشوراء من سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة، فدخلها في يوم مشهود واستولى عليها وعقد لوزيره أبي بكر ابن غازي على العساكر من بني مرين والجنود والعرب من المعقل وسويد، وسرّحه في اتباعه وجعل شوراه إلى وليّه ونزمار وفوّض إليه في ذلك. فارتحلوا من تلمسان آخر المحرّم وكنت وافدا على أبي حمّو، فلما أجفل عن تلمسان ودّعته وانصرفت إلى هنين للإجازة إلى الأندلس. ووشى بعض المفسدين إلى السلطان بأني احتملت مالا للأندلس، فبعث جريدة من معسكره للقبض عليّ، ووافوني بوادي الزيتون قبل


[١] وفي نسخة ثانية: وافاه.

<<  <  ج: ص:  >  >>