للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الملك وسار. ولحقت مقدّمته بأصيلا ففارقها السلطان أبو العبّاس، وصعد إلى جبل الصفيحة، فاعتصم به وجاء الوزير ابن ماسي فتقدّم الى حصاره بالجبل، وجمع عليه رماة الرجل من الأندلسيّين الذين كانوا بطنجة، وأقام يحاصره بالصفيحة شهرين. وكان يوسف بن علي بن غانم شيخ أولاد حسين من عرب المعقل، مخالفا على الوزير مسعود وداعية إلى السلطان أبي العبّاس وشيعة له. وكان يراسل ابن الأحمر في شأنه. فلما سمع باستيلائه على سبتة وإقباله إلى فاس، جمع أشياعه من العرب، ودخل في طاعته إلى بلاد المغرب ما بين فاس ومكناسة. وشنّ الغارات على البسائط واكتسحها، وأرجف الرعايا وأجفلوا إلى الحصون، وكان ونزمار بن عريف وليّ الدولة شيعة للسلطان، وكان يكاتبه وهو بالأندلس ويكاتب ابن الأحمر بشأنه.

فلمّا اشتدّ الحصار بالسلطان في الصفيحة، بعث ابنه أبا فارس إلى ونزمار بمكانه من نواحي تازى. وبعث معه سيّور بن يحيى بن عمر، فقام ونزمار بدعوته، وسار به إلى مدينة تازى، وعاملها سليمان الغودودي من قرابة الوزير ابن ماسي. فلمّا نزل بها أبو فارس ابن السلطان بادر إلى طاعته وأمكنه من البلد، فاستولى عليها واستوزر سليمان هذا. وسار إلى صفيروا [١] ومعه ونزمار للاجتماع بعرب المعقل وأسفّ بهم إلى حصار فاس. وكان محمد بن الدمغة عاملا على ورغة، فبعث إليه السلطان عسكرا مع العبّاس بن المقداد ابن أخت الوزير محمد بن عثمان فقتلوه وجاءوا برأسه، ونجم الخلاف على يعيش بالبلد الجديد من كل جهة، وطيّر الخبر بذلك كلّه إلى أخيه بمكانه من حصار السلطان بالصفيحة، فانفضّت عنه العساكر وأجفل راجعا إلى فاس. وسار السلطان في اتباعه ودخل في طاعته عامل مكناسة، وجاء الخيّر مولى الأمير عبد الرحمن ولقيه يوسف بن علي بن غانم ومن معه من أحياء العرب، وساروا جميعا إلى فاس. وكان أبو فارس ابن السلطان قد رحل من تازى إلى صفيروا للقاء أبيه، فاعترضه ابن ماسي في العساكر رجاء أن يفلّه. ولقيه ببني بهلول فنزع أهل المعسكر إلى أبي فارس ابن السلطان وهو بمكناسة، فارتحل يغذّ السير إلى فاس.

وسار ابنه أبو فارس للقائه على وادي النجا. وصبحوا البلد الجديد فنزلوا عليه بجموعهم وقد اعتصم به الوزير في أوليائه وبطانته، ومعه يغمراسن بن محمد


[١] وفي النسخة المصرية: صفروي وفي نسخة أخرى: صفرون.

<<  <  ج: ص:  >  >>