للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بإدريس هذا، ونذر بذلك فكرّ راجعا كما ذكرناه في أخباره. ولما اشيع ذلك ركب إدريس ظهر الغدر وفرّ من العسكر ليلا، ولحق بتونس، ونزل على القائم بالدولة يومئذ الحاجب أبي محمد بن تافراكين خير نزل وأبرّه. وركب السفين من تونس إلى العدوة، فنزل على ابن القمص صاحب برشلونة في حشمه وذويه. وأقام هنالك إلى أن كان من مهلك رضوان الحاجب المستبدّ بالأندلس سنة ستين وسبعمائة ما قدّمناه فنزع إلى منبته من غرناطة. ونزل على إسماعيل ابن السلطان أبي الحجّاج والقائم بدولته يومئذ الرئيس محمد ابن عمّه إسماعيل بن محمد الرئيس أبي سعيد فلقوه مبرّة وتكريما ورجوه بالإدالة به من يحيى بن عمر أمير الغزاة يومئذ، لما كانوا يتّهمونه به من ممالأة المخلوع صاحب الأمر عليهم. ولما نزع يحيى بن عمر إلى الطاغية، ولحق بدار الحرب سنة إحدى وستين وسبعمائة عقدوا لإدريس بن عثمان هذا على الغزاة مكانه. وولّوه خطة أبيه وأخيه بدولتهم، فاضطلع بها. ومالأ الرئيس محمدا على قتل سلطانه إسماعيل بن الحجّاج واستبدّ بالأمر، ولسنتين من ولايته غلبه المخلوع أبو عبد الله على الأمر، وزحف إليه من رندة، كان نزل بها بعد خروجه من دار الحرب مغاضبا للطاغية. وأذن له وزير المغرب عمر بن عبد الله في نزولها فنزلها، ثم زحف إلى الثائر بغرناطة على ملكهم الرئيس وحاشيته فأجفلوا. ولحق الرئيس محمد بن إدريس هذا بقشتالة، ونزلوا في جملتهم وحاشيتهم على الطاغية، فتقبّض عليهم. وقتل الرئيس محمد وحاشيته جزاء بما أتوه من غدر رضوان. ثم غدر السلطان إسماعيل من بعده وأودع إدريس ومن معه من الغزاة السجن بإشبيليّة، فلم يزل في أسره إلى أن تحيّل في الفرار بمداخلة مسلم من الأسرى [١] أعدّ له فرسا إزاء معتقله، ففكّ قيده، ونقب البيت، وامتطى فرسه ولحق بأرض المسلمين سنة ست وستين وسبعمائة واتبعوه فأعجزهم، وجاء إلى السلطان أبي عبد الله محمد المخلوع فأكرم نزله وأحسن مبرّته، ثم استأذنه في اللحاق بالمغرب فأذن له وأجاز إلى سبتة، وبلغ شأنه إلى صاحب الأمر بالمغرب يومئذ عمر بن عبد الله، فأوعز إلى صاحب سبتة بالتقبّض عليه لمكان ما يؤنس من ترشيحه. وأودعه السجن بمكناسة، ثم نقله السلطان عبد العزيز إلى سجن الغدر [٢] بفاس، ثم قتلوه خنقا سنة سبعين وسبعمائة


[١] وفي طبعة بولاق المصرية: الدجن.
[٢] وفي طبعة بولاق المصرية: الغور.

<<  <  ج: ص:  >  >>