للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان من أمرهم ما شرحناه، إلى أن أجاز عبد الرحمن هذا مع وزيره المصادر [١] به مسعود بن رحّو بن ماسي سنة ست وستين وسبعمائة من غساسة على سلم عقده لهم وزير المغرب المستبدّ بأمره يومئذ عمر بن عبد الله. ونزل عبد الرحمن هذا بالمنكب، وكان السلطان يومئذ معسكرا بها فتلقّاه من البرّ بما يناسبه. وأكرم مثواه وأسنى الجراية له ولوزيره ولحاشيته. واستقرّوا في جملة الغزاة المجاهدين حتى إذا هلك علي بن بدر الدين سنة ثمان وستين وسبعمائة نظر السلطان فيمن يوليه أمرهم، فعثر اختياره على عبد الرحمن هذا لما عرف به من البسالة والإقدام ولقرب الشرائح [٢] بينه وبين ملك المغرب يومئذ، التي هي ملاك الترشيح لهذه الخطة بالأندلس كما قدّمناه، لما كانت رشائح ولد عبد الله بن عبد الحق قد بعدت باتصال الملك في عمود نسب صاحب المغرب دون نسبهم، فآثره صاحب الأندلس بها، وعقد له على الغزاة المجاهدين سنة ثمان وستين وسبعمائة وأضفى عليه لبوس الكرامة والتجلّة وأقعده بمجلس المؤازرة [٣] كما كان الأمراء قبله، واتصل الخبر بسلطان المغرب يومئذ عبد العزيز ابن السلطان أبي الحسن، فغصّ بمكانه، وتوهّم أنّ هذه الإمارة زيادة في ترشيحه ووسيلة لملكه، وكانت لوزير الأندلس محمد بن الخطيب مداخلة مع صاحب المغرب، بما أمّل أن يجعله فيئة لاعتصامه، فأوعز إليه بالتحيّل على إفساد ما بينه وبين صاحب الأندلس، فجهد في ذلك جهده.

ونسب عليه وعلى وزيره مسعود بن ماسي إلى عظماء القبيل وبعض البطانة من أهل الدولة التحسّب [٤] والدعوة إلى الخروج على صاحب المغرب، فأحضرهم السلطان ابن الأحمر وأعطاهم كتابهم، فشهد عليهم وأمر بهم المغرب، فأحضرهم السلطان ابن الأحمر وأعطاهم كتابهم، فشهد عليهم وأمر بهم فاعتقلوا في المطبق سنة سبعين وسبعمائة واسترضى صاحب المغرب بفعلته فيهم، ونزع الوزير ابن الخطيب بعد ذلك إلى السلطان عبد العزيز، وتبيّن للسلطان مكره واحتياله عليه في شأنهم. ولما هلك عبد العزيز وأظلم الجوّ بين صاحب الأندلس وبين


[١] وفي طبعة بولاق المصرية: المطارد به.
[٢] وفي طبعة بولاق المصرية: الوشائج.
[٣] وفي طبعة بولاق المصرية: الوزارة.
[٤] وفي طبعة بولاق المصرية: بالتحبيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>