للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مزنى بمساعدتي على ذلك. وأن يحاولوا على استخلاص أبي حمّو من بين أحياء بني عامر، ويحوّلوه إلى حيّ يعقوب بن علي، فودّعته وانصرفت في عاشوراء سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة فلحقت الوزير في عساكره وأحياء العرب من المعقل وزغبة على البطحاء، ولقيته ودفعت إليه كتاب السلطان، وتقدّمت أمامه وشيّعني ونزمار يومئذ وأوصاني بأخيه محمد، وقد كان أبو حمّو قبض عليه عند ما أحسن منهم بالخلاف، وأنهم يرومون الرحلة إلى المغرب. وأخرجه معه من تلمسان مقيّدا واحتمله في معسكره، فأكّد على ونزمار في المحاولة على استخلاصه بما أمكن، وبعث معي ابن أخيه عيسى في جماعة من سويد يبدروني [١] وتقدّم إلى أحياء حصين بإخراج أبي زيّان من بينهم، فسرنا جميعا وانتهينا إلى أحياء حصين وأخبرهم فرج بن عيسى بوصيّة عمه ونزمار إليهم فنبذوا إلى أبي زيّان عهده، وبعثوا معه من أوصله إلى بلاد رياح. ونزل على أولاد يحيى بن علي بن سبّاع، وتوغّلوا به في القفر، واستمريت ذاهبا إلى بلاد رياح، فلمّا انتهيت إلى المسيلة ألفيت السلطان أبا حمّو وأحياء رياح معسكرين قريبا منها في وطن أولاد سبّاع بن يحيى من الزواودة، وقد تسايلوا [٢] إليه، وبذل فيهم العطاء ليجتمعوا إليه، فلما سمعوا بمكاني من المسيلة، جاءوا إليّ فحملتهم على طاعة السلطان عبد العزيز، وأوفدت أعيانهم وأشياخهم على الوزير أبي بكر بن غازي، فلقوه ببلاد الديالم عند نهر واصل، فأتوه طاعتهم، ودعوه إلى دخول بلادهم في اتباع عدوّه. ونهض معهم وتقدّمت أنا من المسيلة إلى بسكرة، فلقيت بها يعقوب بن علي، واتفق هو وابن مزنى على طاعة السلطان، وبعث ابنه محمدا للقاء أبي حمّو، وأمر بني عامر خالد بن عامر يدعوهم إلى نزول وطنه، والبعد به عن بلاد السلطان عبد العزيز، فوجده متدليا من المسيلة إلى الصحراء. ولقيه على الدّوسن وبات ليلتهم يعرض عليهم التحوّل من وطن أولاد بني سبّاع إلى وطنهم بشرقي الزاب. وأصبح يومه كذلك، فما راعهم آخر النهار إلّا انتشار العجاج خارجا إليهم من أفواه الثنيّة، فركبوا يستشرفون، وإذا بهوادي الخيل طالعة من الثنيّة، وعساكر بني مرين والمعقل وزغبة منثالة أمام الوزير أبي بكر بن غازي قد دلّ بهم الطريق


[١] البذرقة الخفارة. والمبذرق: الخفير.
[٢] تسايل القوم: توافدوا من جهة وفي نسخة ثانية تساتلوا وتساتل القوم أي خرجوا متتابعين الواحد تلو الآخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>