كتاب تاريخ ابن خلدون

على مجدها الكريم، وفضلها العميم، كما تأرجت الرياض الأفواف [١] ، لما زارها الغمام الوكاف [٢] ، ودعاؤنا بطول بقائها، واتصال علائها، يسمو به إلى قرع أبواب السموات العلا الاستشراف [٣] ، وحرصنا على توفية حقوقها العظيمة، وفواضلها [٤] العميمة، لا تحصره الحدود، ولا تدركه الأوصاف، وإن عذر في التقصير عن نيل ذلك المرام الكبير الحقّ والإنصاف. خلافة وجهة تعظيمنا إذ توجّهت الوجوه ومن نؤثره إذا أهمّنا ما نرجوه، ونفدّيه ونبدّيه [٥] إذا استمنح المحقوب واستدفع المكروه السلطان الكذا [٦] بن أبي إسحاق بن السلطان الكذا، أبي يحيى بن أبي بكر بن السلطان الكذا، أبي زكريا بن السلطان الكذا، أبي إسحاق ابن الأمير الكذا، أبي زكريا ابن الشيخ الكذا، أبي محمّد بن عبد الواحد بن أبي حفص، أبقاه الله ومقامه مقام إبراهيم رزقا وأمانا. لا يخص جلب الثمرات إليه وقتا ولا يعيّن زمانا، وكان على من يتخطّف الناس من حوله [٧] مؤيدا باللَّه معانا.

معظّم قدره العالي على الأقدار، ومقابل داعي حقّه بالابتدار، المثنى على معاليه المخلدة الآثار، في اصونة [٨] النّظام والنّثار [٩] ، ثناء الروضة المعطار، على الامطار، الداعي الى الله بطول بقائه في عصمة منسدلة الأستار، وعزة ثابتة المركز مستقيمة المدار، وان يختم له بعد بلوغ غايات الحال، ونهاية الأعمال، بالزلفى وعقبي الدار.

عبد الله الغنيّ باللَّه أمير المسلمين، محمّد بن مولانا أمير المسلمين، أبي الوليد إسماعيل ابن فرج بن نصر.

[١] كذا بالأصول، ولعل أصل الكلام: «الرياض بالافواف» ، والفوف، بالضم: الزهر والجمع أفواف.
[٢] وكف الماء: سال.
[٣] الاستشراف: التطلع الى الشيء.
[٤] الفواضل: الأيادي الجميلة.
[٥] فداه: قال له فداك، ونبديه: نبرزه. ولعل المعنى: نضعه في مكان ممتاز.
[٦] ادخل ابن الخطيب «ل» على «كذا» الموضوعة للكناية عما لم يرد المتكلم ذكره وقد شاع في رسائله هذا الاستعمال.
[٧] إشارته الى الآيات ٣٥- ٣٧ من سورة إبراهيم واضحة.
[٨] جمع صوان، وهو ما صنت به الشيء.
[٩] النثار: النثر.