للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالأهل والولد، في يوم المولد الكريم سنة أربع وسبعين وسبعمائة متوجها الى السلطان وكان قد طرقه المرض فما هو إلا أن وصلت مليانة من أعمال المغرب الأوسط، لقيني هنالك خبر وفاته، وأنّ ابنه أبا بكر السعيد نصّب بعده للأمر في كفالة الوزير أبي بكر بن غازي وأنه ارتحل إلى المغرب الأقصى مغذّا السير إلى فاس، وكان على مليانة يومئذ عليّ بن حسون بن أبي علي الهساطي [١] من قواد السلطان وموالي بيته، فارتحلت معه إلى أحياء العطاف ونزلنا على أولاد يعقوب بن موسى من أمرائهم، وبدرني بعضهم إلى حلّة أولاد عريف أمراء سويد، ثم لحق بنا بعد أيام عليّ بن حسّون في عساكره وارتحلنا جميعا إلى المغرب على طريق الصحراء، وكان أبو حمّو قد رجع بعد مهلك السلطان من مكان انتباذه بالقفر في تيكورارين إلى تلمسان فاستولى عليها وعلى سائر أعماله، وأوعز إلى بني يغمور من شيوخ عبيد الله في المعقل أن يعترضونا بحدود بلادهم من رأس العين [٢] مخرج وادي صا [٣] ، فاعترضونا هنالك فنجا من نجامّنا على خيولهم إلى جبل دبدو وانتهبوا جميع ما كان معنا وأرجلوا الكثير من الفرسان، وكنت فيهم، وبقيت يومئذ في قفره ضاحيا عاريا إلى أن حصلت إلى العمران ولحقت بأصحابي بجبل دبدو ووقع في خلال ذلك من الألطاف ما لا يعبّر عنه، ولا يسع الوفاء بشكره. ثم سرنا إلى فاس ووفدت على الوزير أبي بكر وابن عمّه محمد بن عثمان بفاس في جمادى من السنة، وكان لي معه قديم صحبة واختصاص منذ نزع معي إلى السلطان أبي سالم بجبل الصفيحة، عند إجازته من الأندلس لطلب ملكه كما مرّ في غير موضع من الكتاب، فلقيني من برّ الوزير وكرامته وتوفير جرايته وإقطاعه، فوق ما احتسب وأقمت بمكاني من دولتهم أثير المحل، ثابت [٤] الرتبة عظيم الجاه، منوّة المجلس عند السلطان. ثم انصرم فصل الشتاء وحدث بين الوزير أبي بكر بن غازي وبين السلطان ابن الأحمر منافرة بسبب ابن الخطيب، وما دعا إليه ابن الأحمر من إبعاده عنهم، وأنف الوزير من ذلك فأظلم الجو بينهما، وأخذ الوزير في تجهيز بعض القرابة من بني الأحمر ليشغله به ونزع ابن


[١] وفي نسخة ثانية: اليناطي.
[٢] رأس العين يعرف بعين بني مطهر، وهي منابع تقع في شرق مدينة دبدو.
[٣] وادي صا، أو زا بقع في جنوب عين البرديل عن يمين وادي ملوية حوالي ٥١ كلم.
[٤] وفي نسخة ثانية: نابه الرتبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>