للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في أثمانها ويسمّى ربحا. ويحصل منه الكسب والمعاش للمحترفين بالتّجارة دائما فإذا استديم الرّخص في سلعة أو عرض من مأكول أو ملبوس أو متموّل على الجملة ولم يحصل للتّاجر حوالة الأسواق فسد الرّبح والنماء بطول تلك المدّة وكسدت سوق ذلك الصّنف ولم يحصل التّاجر إلّا على العناء فقعد التّجّار عن السّعي فيها وفسدت رءوس أموالهم. واعتبر ذلك أوّلا بالزّرع فإنّه إذا استديم رخصه يفسد به حال المحترفين [١] بسائر أطواره من الفلح والزّراعة لقلّة الرّبح فيه وندارته [٢] أو فقده. فيفقدون النّماء في أموالهم أو يجدونه على قلّة ويعودون بالإنفاق على رءوس أموالهم وتفسد أحوالهم ويصيرون إلى الفقر والخصاصة.

ويتبع ذلك فساد حال المحترفين أيضا بالطّحن والخبز وسائر ما يتعلّق بالزّراعة من الحرث إلى صيرورته مأكولا. وكذا يفسد حال الجند إذا كانت أرزاقهم من السّلطان على [٣] أهل الفلح زرعا فإنّها تقلّ جبايتهم من ذلك ويعجزون عن إقامة الجنديّة الّتي (هي بسببها ومطالبون بها ومنقطعون لها) [٤] فتفسد أحوالهم وكذا إذا استديم الرّخص في السّكّر أو العسل فسد جميع ما يتعلّق به وقعد المحترفون عن التّجارة فيه وكذا حال الملبوسات إذا استديم فيها الرّخص أيضا فإذا الرّخص المفرط يجحف بمعاش المحترفين بذلك الصّنف الرّخيص وكذا الغلاء المفرط أيضا. وإنّما معاش النّاس وكسبهم في التّوسّط من ذلك وسرعة حوالة الأسواق وعلم ذلك يرجع إلى العوائد المتقرّرة بين أهل العمران. وإنّما يحمد الرّخص في الزّرع من بين المبيعات لعموم الحاجة إليه واضطرار النّاس إلى الأقوات من بين الغنيّ والفقير. والعالة من الخلق هم الأكثر في العمران فيعمّ الرّفق بذلك ويرجّح جانب القوت على جانب التّجارة في هذا الصّنف الخاصّ «وَالله الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ» والله سبحانه وتعالى ربّ العرش العظيم.


[١] وفي نسخة أخرى: فإذا استديم رخصه كيف تفسر أحوال المحترفين به.
[٢] وفي نسخة أخرى: ونزارته.
[٣] وفي نسخة أخرى: عند.
[٤] وفي نسخة أخرى: هم بسببها ويرتزقون من السلطان عليها ويقطع عنهم الرزق.

<<  <  ج: ص:  >  >>