للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عندهم من الإجادة كما كان عند التّبابعة لقصور ما بين الدّولتين. وكانت الحضارة وتوابعها من الصّنائع وغيرها قاصرة عن ذلك. ومن الحيرة لقنه أهل الطّائف وقريش فيما ذكر. ويقال إنّ الّذي تعلّم الكتابة من الحيرة هو سفيان بن أميّة ويقال حرب بن أميّة وأخذها من أسلم بن سدرة. وهو قول ممكن وأقرب ممّن ذهب إلى أنّهم تعلّموها من إياد أهل العراق لقول شاعرهم:

قوم لهم ساحة العراق إذا ... ساروا جميعا والخطّ والقلم

وهو قول بعيد لأنّ إيادا وإن نزلوا ساحة العراق فلم يزالوا على شأنهم من البداوة. والخط من الصّنائع الحضريّة. وإنّما معنى قول الشّاعر أنّهم أقرب إلى الخطّ والقلم من غيرهم من العرب لقربهم من ساحة الأمصار وضواحيها فالقول بأنّ أهل الحجاز إنّما لقّنوها من الحيرة ولقّنها أهل الحيرة من التّبابعة وحمير هو الأليق من الأقوال ورأيت في كتاب التّكملة لابن الأبّار عند التعريف بابن فرّوخ الفيرواني القاسي الأندلسي من أصحاب مالك رضي الله عنه واسمه عبد الله بن فروخ بن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم. عن أبيه قال: قلت لعبد الله بن عبّاس: يا معشر قريش، خبّروني عن هذا الكتاب العربيّ، هل كنتم تكتبونه قبل أن يبعث الله محمّدا صلّى الله عليه وسلّم تجمعون منه ما أجتمع وتفرّقون منه ما افترق مثل الألف واللام والميم والنّون؟ قال: نعم. قلت: وممّن أخذتموه؟ قال: من حرب بن أميّة. قلت! وممّن أخذه حرب؟ قال: من عبد الله بن جدعان.

قلت: وممّن أخذه عبد الله بن جدعان؟ قال: من أهل الأنبار. قلت: وممّن أخذه أهل الأنبار؟ قال: من طارئ طرأ عليه من أهل اليمن. قلت وممّن أخذه ذلك لطارئ؟ قال: من الخلجان بن القسم كاتب الوحي لهود النبيّ عليه السّلام. وهو الّذي يقول:

أفي كلّ عام سنّة تحدثونها ... ورأي على غير الطّريق يعبّر

والموت خير من حياة تسبّنا ... بها جرهم فيمن يسبّ وحمير

<<  <  ج: ص:  >  >>