للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكرناه. ومن جنس هذه الآلة المزمار الّذي يسمّى الزّلاميّ وهو شكل القصبة منحوتة الجانبين من الخشب جوفاء من غير تدوير لأجل ائتلافها من قطعتين منفردتين [١] كذلك بأبخاش معدودة ينفخ فيها بقصبة صغيرة توصل فينفذ النّفخ بواسطتها إليها وتصوّت بنغمة حادّة يجرى فيها من تقطيع الأصوات من تلك الأبخاش بالأصابع مثل ما يجري في الشّبّابة. ومن أحسن آلات الزّمر لهذا العهد البوق وهو بوق من نحاس أجوف في مقدار الذّراع يتّسع إلى أن يكون انفراج مخرجه في مقدار دون الكفّ في شكل بري القلم. وينفخ فيه بقصبة صغيرة تؤدّي الرّيح من الفم إليه فيخرج الصّوت ثخينا دويّا وفيه أبخاش أيضا معدودة. وتقطّع نغمة منها كذلك بالأصابع على التّناسب فيكون ملذوذا. ومنها آلات الأوتار وهي جوفاء كلّها إمّا على شكل قطعة من الكرة مثل المربط [٢] والرّباب أو على شكل مربّع كالقانون توضع الأوتار على بسائطها مشدودة في رأسها إلى دسر جائلة ليأتي شدّ الأوتار ورخوها عند الحاجة إليه بإدارتها. ثمّ تقرع الأوتار إمّا بعود آخر أو بوتر مشدود بين طرفي قوس يمرّ عليها بعد أن يطلى بالشّمع والكندر. ويقطّع الصّوت فيه بتخفيف اليد في إمراره أو نقله من وتر إلى وتر. واليد اليسرى مع ذلك في جميع آلات الأوتار توقّع بأصابعها على أطراف الأوتار فيما يقرع أو يحكّ بالوتر فتحدث الأصوات متناسبة ملذوذة. وقد يكون القرع في الطّسوت بالقضبان أو في الأعواد بعضها ببعض على توقيع مناسب يحدث عنه التذاذ بالمسموع. ولنبيّن لك السّبب في اللّذّة النّاشئة عن الغناء. وذلك أنّ اللّذّة كما تقرّر في موضعه هي إدراك الملائم والمحسوس إنّما تدرك منه كيفيّة. فإذا كانت مناسبة للمدرك وملاءمة كانت ملذوذة، وإذا كانت منافية له منافرة كانت مؤلمة. فالملائم من الطّعوم ما ناسبت كيفيّته حاسّة الذّوق في مزاجها وكذا الملائم من الملموسات وفي الرّوائح ما ناسب مزاج الرّوح القلبيّ البخاريّ لأنّه


[١] وفي نسخة أخرى: متفوذتين.
[٢] وفي نسخة أخرى: البربط.

<<  <  ج: ص:  >  >>