للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الموجودات وعوارضها) [١] ليقف على تحقيق الحقّ في الكائنات نفيا وثبوتا بمنتهى فكره. ثمّ النّظر بعد ذلك عندهم إمّا في المحسوسات من الأجسام العنصريّة والمكوّنة عنها من المعدن والنّبات والحيوان والأجسام الفلكيّة والحركات الطّبيعيّة. والنّفس الّتي تنبعث عنها الحركات وغير ذلك. ويسمّى هذا الفنّ بالعلم الطّبيعيّ وهو العلم الثّاني منها. وإمّا أن يكون النّظر في الأمور الّتي وراء الطّبيعة من الرّوحانيّات ويسمّونه العلم الإلهيّ وهو الثّالث منها. والعلم الرّابع وهو النّاظر في المقادير ويشتمل على أربعة علوم وتسمّى التّعاليم. أوّلها:

علم الهندسة وهو النّظر في المقادير على الإطلاق. إمّا المنفصلة من حيث كونها معدودة أو المتّصلة وهي إمّا ذو بعد واحد وهو الخطّ أو ذو بعدين وهو السّطح، أو ذو أبعاد ثلاثة وهو الجسم التّعليميّ. ينظر في هذه المقادير وما يعرض لها إمّا من حيث ذاتها أو من حيث نسبة بعضها إلى بعض. وثانيها علم الأرتماطيقي وهو معرفة ما يعرض للكمّ المنفصل الّذي هو العدد ويؤخذ له من الخواصّ والعوارض اللّاحقة. وثالثها علم الموسيقى وهو معرفة نسب الأصوات والنّغم بعضها من بعض وتقديرها بالعدد وثمرته معرفة تلاحين الغناء. ورابعها علم الهيئة وهو تعيين الأشكال للأفلاك وحصر أوضاعها وتعدّدها لكلّ كوكب من السّيّارة والثابتة والقيام على معرفة ذلك من قبل الحركات السّماويّة المشاهدة الموجودة لكلّ واحد منها ومن رجوعها واستقامتها وإقبالها وإدبارها. فهذه أصول العلوم الفلسفيّة وهي سبعة: المنطق وهو المقدّم منها وبعده التّعاليم فالأرتماطيقي أوّلا ثمّ الهندسة ثمّ الهيئة ثمّ الموسيقى ثمّ الطّبيعيّات ثمّ الإلهيّات ولكلّ واحد منها فروع تتفرّع عنه. فمن فروع الطّبيعيّات الطّبّ ومن فروع علم العدد علم الحساب والفرائض والمعاملات ومن فروع الهيئة الأزياج وهي قوانين لحساب [٢] حركات الكواكب وتعديلها للوقوف على مواضعها متى قصد ذلك (ومن فروعها النّظر في


[١] وفي النسخة الباريسية: في التصورات والتصديقات الذاتية والعرضية.
[٢] وفي نسخة أخرى: حسبانات.

<<  <  ج: ص:  >  >>