للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأشياء الّتي هي مقتضى العلم الحكميّ. وهذا السّعي من الفكر قد يكون بطريق صحيح وقد يكون بطريق فاسد فاقتضى ذلك تمييز الطّريق الّذي يسعى به الفكر في تحصيل المطالب العلميّة ليتميّز الصّحيح من الفاسد فكان ذلك قانون المنطق. وتكلّم فيه المتقدّمون أوّل ما تكلّموا به جملا جملا ومفترقا مفترقا. ولم تهذّب طرقه ولم تجمع مسائله حتّى ظهر في يونان أرسطو فهذّب مباحثه [١] ورتّب مسائله وفصوله وجعله أوّل العلوم الحكميّة وفاتحتها. ولذلك يسمّى بالمعلّم الأوّل وكتابه المخصوص بالمنطق يسمّى النّصّ وهو يشتمل على ثمانية كتب أربعة منها في صورة القياس وأربعة [٢] في مادّته. وذلك أنّ المطالب التّصديقيّة على أنحاء. فمنها ما يكون المطلوب فيه اليقين بطبعه ومنها ما يكون المطلوب فيه الظّنّ وهو على مراتب فينظر في القياس من حيث المطلوب الّذي يفيده وما ينبغي أن تكون مقدّماته بذلك الاعتبار ومن أيّ جنس يكون من العلم أو من الظّنّ. وقد ينظر في القياس لا باعتبار مطلوب مخصوص بل من جهة إنتاجه خاصّة. ويقال للنّظر الأوّل إنّه من حيث المادّة ونعني به المادّة المنتجة للمطلوب المخصوص من يقين أو ظنّ ويقال للنّظر الثّاني إنّه من حيث الصّورة وإنتاج القياس على الإطلاق فكانت لذلك كتب المنطق ثمانيّة:

الأوّل في الأجناس العالية الّتي ينتهي إليها تجريد المحسوسات وهي الّتي ليس فوقها جنس ويسمّى كتاب المقولات. والثّاني في القضايا التّصديقيّة وأصنافها ويسمّى كتاب العبارة. والثّالث في القياس وصورة إنتاجه على الإطلاق ويسمّى كتاب القياس وهذا آخر النّظر من حيث الصّورة. ثمّ الرّابع كتاب البرهان وهو النّظر في القياس المنتج لليقين وكيف يجب أن تكون مقدّماته يقينيّة. ويختصّ بشروط أخرى لإفادة اليقين مذكورة فيه مثل كونها ذاتيّة وأوّليّة وغير ذلك. وفي هذا الكتاب الكلام في المعرّفات والحدود إذ المطلوب فيها إنّما هو اليقين لوجوب


[١] وفي النسخة الباريسية: مناحيه.
[٢] وفي النسخة الباريسية: وخمسة.

<<  <  ج: ص:  >  >>