للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السّيمياء [١] لأنّها من توابعها لأنّ إحالة الأجسام النّوعيّة من صورة إلى أخرى إنّما يكون بالقوّة النّفسيّة لا بالصّناعة العمليّة فهو من قبيل السّحر كما نذكره في موضعه. ثمّ جاء مسلمة بن أحمد المجريطيّ إمام أهل الأندلس في التّعاليم والسّحريّات فلخّص جميع تلك الكتب وهذّبها وجمع طرقها في كتابه الّذي سمّاه غاية الحكيم ولم يكتب أحد في هذا العلم بعده. ولتقدّم هنا مقدّمة يتبيّن بها حقيقة السّحر وذلك أنّ النّفوس البشريّة وإن كانت واحدة بالنّوع فهي مختلفة بالخواصّ وهي أصناف كلّ صنف مختصّ بخاصيّة واحدة بالنّوع لا توجد في الصّنف الآخر. وصارت تلك الخواصّ فطرة وجبلّة لصنفها فنفوس الأنبياء عليهم الصّلاة والسّلام لها خاصيّة تستعدّ بها للانسلاخ من الروحانيّة البشريّة إلى الروحانيّة الملكيّة حتّى يصير ملكا في تلك اللمحة الّتي انسلخت فيها، وهذا هو معنى الوحي كما مرّ في موضعه، وهي في تلك الحالة محصلة للمعرفة الرّبّانيّة ومخاطبة الملائكة عليهم السّلام عن الله سبحانه وتعالى كما مرّ. وما يتّسع [٢] في ذلك من التّأثير في الأكوان ونفوس السّحرة لها خاصة التّأثير في الأكوان واستجلاب روحانيّة الكواكب للتّصرّف فيها والتّأثير بقوّة نفسانيّة أو شيطانيّة. فأمّا تأثير الأنبياء فمدد إلهيّ وخاصّيّة ربّانيّة ونفوس الكهنة لها خاصيّة الاطّلاع على المغيّبات بقوى شيطانيّة. وهكذا كلّ صنف مختصّ بخاصّيّة لا توجد في الآخر.

والنّفوس السّاحرة على مراتب ثلاث يأتي شرحها فأوّلها المؤثّرة بالهمّة فقط من غير آلة ولا معين وهذا هو الّذي تسمّيه الفلاسفة السّحر والثّاني بمعين من مزاج الأفلاك أو العناصر أو خواصّ الأعداد ويسمّونه الطّلسمات وهو أضعف رتبة من الأوّل والثّالث تأثير في القوى المتخيّلة. يعمد صاحب هذا التّأثير إلى القوى المتخيّلة فيتصرّف فيها بنوع من التّصرّف ويلقي فيها أنواعا من الخيالات


[١] وفي النسخة الباريسية: الكيمياء.
[٢] وفي نسخة أخرى: يتبع.

<<  <  ج: ص:  >  >>