للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأعظم الّذي عرفنا طبيعته وأثره معرفة ظاهرة فننظر هل يزيد ذلك الكوكب عند القران في قوّته ومزاجه فتعرف موافقته له في الطّبيعة أو ينقص عنها فتعرف مضادّته. ثمّ إذا عرفنا قواها مفردة عرفناها مركّبة وذلك عند تناظرها بأشكال التّثليث والتّربيع وغيرهما ومعرفة ذلك من قبل طبائع البروج بالقياس أيضا إلى النّيّر الأعظم. وإذا عرفنا قوى الكواكب كلّها فهي مؤثرة في الهواء وذلك ظاهر.

والمزاج الّذي يحصل منها للهواء يحصل لما تحته من المولّدات وتتخلّق به النّطف والبزر فتصير حالا للبدن المتكوّن عنها وللنّفس المتعلّقة به الفائضة عليه المكتسبة لما لها منه ولما يتبع النّفس والبدن من الأحوال لأنّ كيفيّات البزرة والنّطفة كيفيّات لما يتولّد عنهما وينشأ منهما. قال: وهو مع ذلك ظنّي وليس من اليقين في شيء وليس هو أيضا من القضاء الإلهيّ يعني القدر إنّما هو من جملة الأسباب الطّبيعيّة للكائن والقضاء الإلهيّ سابق على كلّ شيء. هذا محصّل كلام بطليمس وأصحابه وهو منصوص في كتابه الأربع وغيره. ومنه يتبيّن ضعف مدرك هذه الصّناعة وذلك أنّ العلم الكائن أو الظّنّ به إنّما يحصل عن العلم بجملة أسبابه من الفاعل والقابل والصّورة والغاية على ما يتبيّن في موضعه. والقوى النّجوميّة على ما قرّروه إنّما هي فاعلة فقط والجزء العنصريّ هو القابل ثمّ إنّ القوى النّجوميّة ليست هي الفاعل بجملتها بل هناك قوى أخرى فاعلة معها في الجزء المادّيّ مثل قوّة التّوليد للأب والنّوع الّتي في النّطفة وقوى الخاصّة الّتي تميّز بها صنف من النّوع وغير ذلك. فالقوى النّجوميّة إذا حصل كمالها وحصل العلم فيها إنّما هي فاعل واحد من جملة الأسباب الفاعلة للكائن. ثمّ إنّه يشترط مع العلم بقوى النّجوم وتأثيراتها مزيد حدس وتخمين وحينئذ يحصل عنده الظّنّ بوقوع الكائن. والحدس والتّخمين قوى للنّاظر في فكره وليس من علل الكائن ولا من أصول الصّناعة فإذا فقد هذا الحدس والتّخمين رجعت أدراجها عن الظّنّ إلى الشّكّ. هذا إذا حصل العلم بالقوى النجوميّة على سداده ولم تعترضه آفة وهذا معوز

<<  <  ج: ص:  >  >>