للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي رواية هشام بن محمد الكلبيّ أنّ السفن قدمت على النجاشيّ من قيصر، فحمل فيها الحبش ونزلوا بساحل اليمن، واستجاش ذو نواس بأقيال حمير فامتنعوا من صريخه وقالوا: كل أحد يقاتل عن ناحيته. فألقى ذو نواس باليد ولم يكن قتال.

وأنه سار بهم إلى صنعاء، وبعث عماله في النواحي لقبض الأموال، وعهد بقتلهم في كل ناحية، فقتلوا. وبلغ ذلك النجاشيّ فجهز إلى اليمن سبعين ألفا، وعليهم أبرهة فبلغوا صنعاء، وهرب ذو نواس واعترض البحر فكان آخر العهد به. وملك أبرهة اليمن ولم يبعث إلى النجاشيّ بشيء وذكر له أنه خلع طاعته فوجه جيشا من أصحابه عليهم أرباط. ولما حلّ بساحته دعاه إلى النصفة والنزال فتبارزا وخدعه أبرهة، وأكمن عبدا له في موضع المبارزة، فلما التقيا ضربه أرباط فشرم أنفه، وسمّي الأشرم وخالفه العبد من الكمين فضرب أرباطا فأنفذه، وبلغ النجاشيّ خبر أرباط فحلف ليريقنّ دمه [١] . ثم كتب إليه أبرهة واسترضاه فرضي عليه وأقره على عمله.

وقال ابن إسحاق إنّ أرباط هو الّذي قدم اليمن أوّلا وملكه وانتقض عليه أبرهة من بعد ذلك، فكان ما ذكرنا من الحرب بينهما وقتل أرباط، وغضب النجاشي لذلك ثم أرضاه واستبدّ أبرهة بملك اليمن.

ويقال إنّ الحبشة لمّا ملكوا اليمن أمّر أبرهة بن الصبّاح، وأقاموا في خدمته. قاله ابن سلام: وقيل إنّ ملك حمير لما انقرض أمر التبابعة صار متفرقا في الأذواء من ولد زيد الجمهور. وقام بملك اليمن منهم ذو يزن من ولد مالك بن زيد. قال ابن حزم:

واسمه علس بن زيد بن الحرث بن زيد الجمهور. وقال ابن الكلبيّ وأبو الفرج الأصبهاني: هو علس بن الحرث بن زيد بن الغوث بن سعد بن عوف بن عديّ بن مالك بن زيد الجمهور. قالوا كلهم: ولما ملك ذو يزن بعد مهلك ذي نواس واستبدّ أمر الحبشة على أهل اليمن، طالبوهم بدم النصارى الذين في أهل نجران، فساروا إليه وعليهم أرباط، ولقيهم فيمن معه فانهزم واعترض البحر، فأقحم فرسه وغرق فهلك بعد ذي نواس، وولي ابنه مرثد بن ذي يزن مكانه، وهو الّذي استجاشه امرؤ القيس على بني أسد وكان من عقب ذي يزن أيضا، من هؤلاء الأذواء علقمة ذو قيفال بن شراحيل بن ذي يزن، وملك مدينة الهون فقتله أهلها من همدان أهـ. ولما استقرّ أبرهة في ملك اليمن أساء السير في حمير، ورؤسائهم وبعث في ريحانة بنت علقمة بن


[١] الضمير يعود إلى أبرهة.

<<  <  ج: ص:  >  >>