للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال البيهقيّ: إنّ الجزيرة ملكها بعد مقتل سنجاريف أخوه ساطرون، وهو الّذي بنى مدينة الخضر في برية سنجار على نهر الترتار لتولعه بصيد الأسود في غيضاتها.

وملك من بعده ابنه زان وكان يدين بالصابئة، ويقال إن يونس بن متى بعث إليه ويونس من الجرامقة من سبط بنيامين بن إسرائيل من ابنه، فآمن به زان بن ساطرون بعد الّذي قصّه القرآن من شأنه معهم، ثم انّ بخت نصّر لما غلب على بابل زحف إليه ودعاه إلى دين الصابئة، وشرط له أن يبقيه في ملكه فأجاب. ولم يزل على الجزيرة حتى زحف إليه جيوش الفرس مع أرتاق، فضمن القيام بالمجوسية على أن يبقوه في ملكه، وكتب بذلك أرتاق إلى بهمن فيضمن له، فأجابه بأن هذا رجل متلاعب بالأديان فأقتله، فقتله أرتاق وانقرض ملكه بعد ألف وثلاثمائة سنة فيما قال البيهقي. وفي أربعين ملكا منهم، وصارت الجزيرة لملوك الفرس، والّذي عند الإسرائيليين سنجاريف من ملوك نينوى وهم أولاد موصل بن أشوذ بن سام. وأنه كان قبله بالموصل ملوك منهم وهم فول وتلفات وبلناص، وأنهم ملكوا بلد الأسباط العشرة، وهي شمورون المعروفة بالسامرة، وأنه غرّب الأسباط الذين كانوا فيها إلى نواحي أصبهان وخراسان، وأسكن أهل كومة وهي الكوفة في شمورون هذه، فسلط الله عليهم السباع يفترسونهم في كلّ ناحية. فشكوا ذلك إلى سنجاريف وسألوه أن يخبرهم عن بلد شمورون في قسمة أي كوكب هي كي يتوجهوا إليه، ويستنزلوا روحانيته على طريق الصابئة، فأعرض عن ذلك وبعث كاهنان إليهم من اليهود فعلموهم دين اليهودية، وأخذوا به. وهؤلاء عند اليهود هم الشمرة نسبة الى شمرة وهي شمورون، وليس الشمرة عندهم من بني إسرائيل، ولان دينهم صحيح في اليهودية.

وزحف سنجاريف عندهم إلى بيت المقدس بعد استيلائه على شمورون فحاصرها، وداخله العجب بكثرة عساكره، فقال لبني إسرائيل من الّذي خلصه إلهه من يدي حتى يخلصكم إلهكم، وفزع ملك بني إسرائيل إلى نبيّهم مدليلا، وسأله الدعاء فدعا له وأمنه من شرّ سنجاريف، ونزلت بعسكره في بعض لياليهم آفة سماوية، فأصبحوا كلهم قتلى. يقال أحصى قتلاهم فكانوا مائة وخمسة وثمانين ألفا، ورجع سنجاريف إلى نينوى، ثم قتله أولاده في سجوده لمعبوده من الكواكب، وولي ابنه أيسر حدّون، ثم استولى عليهم بعد ذلك بخت نصّر كما سنذكره في خبره.

<<  <  ج: ص:  >  >>