للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعث لشيعة هرقانوس المال على تخويفه من ذلك حتى تمكن منه الخوف، ثم أشار عليه بالخروج الى ملك العرب هرثمة، وكان يحب هرقانوس، فعقد معه عهدا على ذلك، ولحق هرقانوس بهرثمة ومعه أنظفتر، ثم دعوا هرثمة الى حرب أرستبلوس فأجابهم بعد مراوغة، وتزاحفوا ونزع الكثير من عسكر أرستبلوس إلى هرقانوس، فرجع هاربا الى القدس، ونازلهم هرقانوس وهرثمة واتصلت الحرب وطال الحصار.

وحضر عيد الفطير وافتقد اليهود القرابين فبعثوا إلى أصحاب هرقانوس فيها، فاشتطوا في الثمن، ثم أخذوه ولم يعطوهم شيئا، وقتلوا بعض النساك طلبوه في الدعاء على أرستبلوس وأصحابه، وامتنع فقتلوه، ووقع فيهم الوباء فمات منهم أمم.

قال ابن كريون: وكان الأرمن ببلاد دمشق وحمص وحلب، وكانوا في طاعة الروم، فانتقضوا عليهم في هذه المدّة وحدثت عندهم صاغية إلى الفرس، فبعث الروم قائدهم فمقيوس [١] فخرج لذلك من رومية، وقدم بين يديه قائده سكانوس فطوّع الأرمن ولحق دمشق، ثم لحقه فمقيوس ونزل بها. وتوجهت إليه وجوه اليهود في أثرهم، وبعث إليه أرستبلوس من القدس وهرقانوس من مكان حصاره، كل واحد منهما يستنجده على أخيه، وبعثوا إليه بالأموال والهدايا فأعرض عنها، وبعث إلى هرثمة ينهاه عن الدخول بينهما فرحل عن القدس، ورحل معه هرقانوس وأنظفتر، وأعاد أرستبلوس رسله وهداياه من بيت المقدس، وألحّ في الطلب وجاء أنظفتر الى فمقيوس بغير مال ولا هدية، فنكث عنه فمقيوس، فرجع إلى رغبته ومسح أعطافه وضمن له طاعة هرقانوس الّذي هو الكهنوت الأعظم. ويحصل بعد ذلك إضعاف أرستبلوس فأجابه فمقيوس على أن يتحيّل له في الباطن ويكون ظاهره مع أرستبلوس حتى يتم الأمر، وعلى أن يحملوا الخراج عند حصول أمرهم، فضمن أنظفتر ذلك.

وحضر هرقانوس وأرستبلوس عند فمقيوس القائد يتظلم كل واحد من صاحبه، فوعدهم بالنظر بينهم إذا حل بالقدس.

وبعث أنظفتر في جميع الرعايا فجاءوا شاكين من أرستبلوس، فأمره فمقيوس من إنصافهم فغضب لذلك واستوحش وهرب من معسكر فمقيوس وتحصن في القدس، وسار فمقيوس في أثره فنزل أريحا ثم القدس وخرج أرستبلوس واستقال، فأقاله وبذل له الأموال على أن يعينه على أخيه ويحمل له ما في الهيكل من الأموال والجواهر،


[١] هو القائد الروماني المعروف بمبيوس.

<<  <  ج: ص:  >  >>