للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ركب الى باب زبيدة ام الأمين ليودّعها. فقالت له: يا عليّ اعرف لعبد الله المأمون حق ولادته ولا تقتسره اقتسار العبيد إذا ظفرت به ولا تعنف عليه في السير وان شتمك فاحتمله. ثم دفعت اليه قيدا من فضة وقالت: قيده بهذا القيد. ثم خرج عليّ في عشرة آلاف فارس. وبلغ الخبر المأمون فتسمى بأمير المؤمنين وانهض هرثمة بن أعين في اقل من اربعة آلاف فارس وعلى مقدمته طاهر بن الحسين. ثم خرج طاهر في أصحابه من الري على خمسة فراسخ. وسار اليه عليّ وزحف الناس بعضهم الى بعض وحملت ميمنة عليّ وميسرته على ميسرة طاهر وميمنته فأزالتاهما عن موضعيهما. وحمل قلب طاهر على قلب عليّ فهزموه. ورجع المنهزمون من معسكر طاهر على من بازائهم فهزموهم. ورمى رجل اسمه داود شاه عليّا بسهم فقتله. وحمل رأسه الى طاهر وأنفذه الى المأمون. وكان عليّ قليل الاحتياط من طاهر. وكان يقول لأصحابه: ما بينكم وبين ان ينقصف طاهر انقصاف الشجر من الريح الا ان نعبر [١] عقبة همذان. ولما قتل عليّ بعث المأمون الى طاهر بالهدايا وأمره ان يمضي الى العراق. فأخذ طاهر على طريق الأهواز وأخذ هرثمة على طريق حلوان. فشغب الجند على محمد الأمين ووثبوا عليه وخلعوه وحبسوه مع أمه زبيدة وولده. ثم أخرجوه وبايعوه وكان حبسه يومين. ثم حاصر طاهر وهرثمة محمدا الأمين وجعلا يحاربان أصحابه سنة ببغداد فقل أصحابه وخفت يده من المال وضعف أمره. فوجه الى هرثمة يسأله الامان. فأمنه وضمن له الوفاء من المأمون. فلما علم ذلك طاهر اشتد عليه وأبي ان يدعه يخرج الى هرثمة وقال: هو في حيّزي والجانب الذي انا فيه وانا أخرجته بالحصار حتى طلب الامان فلا ارضى ان يخرج الى هرثمة فيكون له الفتح دوني. وكان الأمين يكره الخروج الى طاهر لمنام رآه. فلما كان ليلة الأحد لخمس بقين من محرم سنة ثماني وتسعين ومائة خرج بعد العشاء الآخرة الى صحن الدار ودعا بابنيه وضمهما اليه وقبلهما وقال: استودعكما الله عز وجل. ثم جاء راكبا الى الشط. فإذا حراقة هرثمة فصعد إليها وأمر هرثمة الحراقة ان تدفع. فأدركهم اصحاب طاهر في الزواريق وحملوا على الحراقة بالنفط والحجارة فانكفأت بمن فيها وسقط هرثمة الى الماء فتعلّق الملاح بشعره فأخرجه. واما الأمين فانه لما سقط الى الماء شق ثيابه وسبح حتى خرج بشط البصرة. فأخذه اصحاب طاهر وجاءوا الى بيت وهو عريان عليه سراويل وعمامة وعلى كتفه خرقة خلقة فحبسوه هناك. فلما انتصف الليل دخل عليه قوم من العجم معهم


[١-) ] نعبر ر يعبر.