للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتى انه احتاج في بعض الأوقات الى ثلاثمائة دينار فلم يجدها.

وكان استخصّ الموفق أخو المعتمد جعفر بن محمد المعروف بابي معشر البلخي واتخذه منجما له وكان معه في محاصرته للزنج بالبصرة. وقيل ان أبا معشر كان في أول امره من اصحاب الحديث ببغداد وكان يضاغن أبا يوسف يعقوب بن اسحق الكندي ويغري به العامة ويشنع عليه بعلوم الفلاسفة. فدسّ عليه الكندي من حسّن له النظر في علم الحساب والهندسة فدخل في ذلك فلم يكمل له فعدل الى علم احكام النجوم وانقطع شرّه عن الكندي. ويقال انه تعلم النجوم بعد سبع وأربعين سنة من عمره.

وكان فاضلا حسن القريحة صنف كتبا عدة في هذا الفن. فضربه المستعين أسواطا لأنه أصاب في شيء أخبر به قبل وقته. وكان يقول: أصبت فعوقبت. وجاوز ابو معشر المائة من عمرة ومات بواسط. وقيل كان ابو معشر مدمنا على شرب الخمر مشتهرا [١] بمعاقرتها وكان يعتريه صرع عند اوقات الامتلاءات القمرية. واما يعقوب الكندي فكان شريف الأصل بصريا وكان أبوه اسحق أميرا على الكوفة للمهدي والرشيد. وكان يعقوب عالما بالطب والفلسفة والحساب والمنطق وتأليف اللحون والهندسة والهيئة وله في اكثر هذه العلوم تآليف مشهورة من المصنفات الطوال. ولم. يكن في الإسلام من اشتهر عند الناس بمعاناة علم الفلسفة حتى سمّوه فيلسوفا غير يعقوب هذا وعاصر قسطا بن لوقا البعلبكي وقسطا هذا الفيلسوف نصراني في الدولة الاسلامية دخل الى بلاد الروم وحصّل من تصانيفهم الكثيرة وعاد الى الشام واستدعي الى العراق ليترجم الكتب وله تصانيف مختصرة بارعة. وقيل اجتذبه سنحاريب الى ارمينية واقام بها الى ان مات هناك وبنى على قبره قبة إكراما له كاكرام قبور الملوك ورؤساء الشرائع. قال المؤرخ: لو قلت حقا قلت انه أفضل من صنّف كتابا بما احتوى عليه من العلوم والفضائل وما رزق من الاختصار للألفاظ وجمع المعاني.

وفي آخر دولة المعتمد تحرّك بسواد الكوفة قوم يعرفون بالقرامطة وكان ابتداء أمرهم ان رجلا فقيرا قدم من ناحية خوزستان الى سواد الكوفة وكان يظهر الزهد والتقشف ويسفّ [٢] الخوص ويأكل من كسبه فأقام على ذلك مدة. وكان إذا قعد اليه رجل ذاكره أمر الدين وزهده في الدنيا واعلمه انه يدعو الى امام من اهل بيت النبيّ عليه السلام.


[١-) ] مشتهرا ر مستهترا.
[٢-) ] ويسف ر ويتعانى نسف.