للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طغرلبك قبل ان يتولّى السلطنة. وكان عمره سبعا وسبعين سنة. وكان سبب قتله ان عثمان ابن جمال الملك بن نظام الملك كان قد ولّاه جدّه رئاسة مرو وأرسل السلطان إليها شحنة اسمه قودن وهو من خواصّه فنازع عثمان في شيء فحملت عثمان حدائة سنّه وطمعه بجدّه على ان قبض عليه وأخرق به ثم أطلقه فقصد السلطان مستغيثا شاكيا فأرسل السلطان الى نظام الملك رسالة يقول له: ان كنت شريكي في الملك فلذلك [١] حكم.

وان كنت نائبي فيجب ان تلزم حدّ التبعية والنيابة وهؤلاء أولادك قد جاوزوا حدّ امر السياسة وطمعوا الى ان فعلوا كذا وكذا. فحضر المرسلون عند نظام الملك وأوردوا عليه الرسالة فقال: قولوا للسلطان ان كنت ما علمت اني شريكك في الملك فاعلم.

فإنك ما نلت هذا الأمر الا بتدبيري ورأيي اما تذكر حين قتل أبوك فقمت بتدبير أمرك وقمعت الخوارج عليك من أهلك وغيرهم. وأنت ذلك الوقت كنت تتمسك بي فلما قدت [٢] الأمور إليك وأطاعك القاصي والداني أقبلت تتجنى لي الذنوب وتسمع في السعايات. وقولوا له عني ان ثبات تلك القلنسوة معذوق بهذه الدواة وان اتفاقهما سبب كل غنيمة ومتى أطبقت هذه الدواة زالت تلك. وأطال فيما هذا سبيله. ثم قال: قولوا للسلطان عني مهما أردتم فقد أهمّني [٣] ما لحقني من توبيخه وفتّ في عضدي. فلما خرجوا من عنده اتفقوا على كتمان ما جرى عن السلطان فقالوا له ما مضمونه العبودية والاعتذار.

ثم ان واحدا منهم اعلم السلطان بما جرى فوقع التدبير عليه حتى قتل ومات السلطان بعده بخمس وثلثين يوما وانحلّت الدولة ووقع السيف وكان قول نظام الملك شبه الكرامة له. وقيل ان ابتداء امر نظام الملك انه كان من أبناء الدهاقين بطوس وتعلّم العربية وكان كاتبا الأمير تاجر [٤] صاحب بلخ وكان الأمير يصادره في رأس كل سنة ويأخذ ما معه ويقول له: قد سمنت يا حسن. وهرب الى جغريبك داود وهو بمرو فدخل اليه. فلما رآه أخذ بيده وسلمه الى ولده آلب ارسبلان وقال له: هذا حسن الطوسي فتسلمه واتخذه والدا ولا تخالفه. وكان نظام الملك إذا دخل عليه الائمّة الأكابر يقوم لهم ويجلس في مسنده وكان له شيخ فقير إذا دخل اليه يقوم له ويجلسه في مكانه ويجلس بين يديه. فقيل له في ذلك فقال: ان أولئك إذا دخلوا عليّ يثنون عليّ بما ليس في


[١-) ] فلذلك ر فاقد لك وفامدّ لك.
[٢-) ] قدت ر قرّت.
[٣-) ] اهمني ر دهمني.
[٤-) ] ويروى: باجر. ويروى: باخر.
ابن العبري- ١٣