للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتى قاربوا تفليس وكان المسلمون في عسكر كثير يبلغون ثلثين ألفا فالتقوا واصطف الطائفتان للقتال فخرج من القفجاق مائتا رجل فظنّ المسلمون انهم مستأمنون فلم يحترزوا منهم. فدخلوا بينهم ورموا بالنشاب فاضطرب جيش صفّ المسلمين وظنّ من وراءهم انها هزيمة فانهزموا ولشدّة الزحام صدم بعضهم بعضا فقتل منهم عالم عظيم وتبعهم الكرج عشرة فراسخ يقتلون ويأسرون فقتل أكثرهم وأسر اربعة آلاف رجل ونجا الملك طغرل وايلغازي ودبيس. وعاد الكرج وحاصروا مدينة تفليس واشتدّ قتالهم لمن بها وعظم الأمر وتفاقم الخطب على أهلها ودام الحصار الى سنة خمس عشرة فملكوها عنوة.

وفي سنة خمس عشرة عصى سليمان بن ايلغازي بن ارتق على أبيه بحلب وقد جاوز عمره عشرين سنة. فسمع والده الخبر فسار اليه مجدّا لوقته فلم يشعر به سليمان حتى هجم عليه فخرج اليه معتذرا فأمسك عنه وقبض على من كان أشار عليه بذلك منهم امير كان قد التقطه ارتق وربّاه اسمه ناصر فقلع عينيه وقطع لسانه. ومنهم انسان حمويّ كان قد قدّمه ايلغازي على اهل حلب وجعل اليه الرئاسة فجازاه عن ذلك فقطع يديه ورجليه وسمل عينيه فمات. واحضر ولده وهو سكران وأراد قتله فمنعه رقّة الوالد فاستبقاه فهرب الى دمشق. واستناب ايلغازي بحلب سليمان بن أخيه عبد الجبّار بن ارتق ولقّبه بدر الدولة وعاد الى ماردين. وفيها اقطع السلطان مدينة ميّافارقين للأمير ايلغازي ابن ارتق ومدينة الموصل والجزيرة وسنجار للأمير اقسنقر البرسقيّ. وفي سنة ستّ عشرة في شهر رمضان توفي الأمير ايلغازي بن ارتق بميّافارقين وملك ابنه حسام الدين [١] تمرتاش قلعة ماردين وملك ابنه سليمان ميّافارقين. وكان بحلب ابن أخيه بدر الدولة سليمان بن عبد الجبّار بن ارتق فبقي بها الى ان أخذها منه ابن عمه. وفي سنة سبع عشرة لما رأى بلك بن بهرام بن ارتق ضعف بدر الدولة سليمان ابن عمه عن حوط بلاده من الفرنج سار اليه الى حلب وضيّق على من بها فتسلمها بالأمان. وفي سنة ثماني عشرة سار بلك بن بهرام الى منبج وملكها وحصر القلعة فبينما هو يقاتل من بها أتاه سهم فقتله واضطرب عسكره وتفرقوا وملك اقسنقر البرسقيّ حلب وقلعتها وملك الفرنج مدينة صور. وفي سنة عشرين وخمسمائة في ذي القعدة قتل قسيم الدولة اقسنقر البرسقي صاحب الموصل بمدينة الموصل قتله الباطنيّة يوم الجمعة بالجامع وملك ابنه عزّ الدين مسعود الموصل ولم يختلف عليه احد. قال المؤرّخ: ومن العجب ان صاحب انطاكية أرسل الى عزّ الدين مسعود يخبره بقتل والده قبل ان يصل اليه الخبر وكان قد سمعه الفرنج قبل


[١-) ] الدين ر الدولة.