للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الى بغداد ووصل أتابك عماد الدين زنكي بعده من الموصل وخطب للملك داود ببغداد.

فلما بلغ السلطان الخبر جمع العساكر وسار الى بغداد وحصرها نيفا وخمسين يوما فلم يظفر بهم فعزم على العود الى همذان فوصله طرنطاي صاحب واسط ومعه سفن كثيرة فعاد إليها فاختلفت كلمة الأمراء المجتمعين ببغداد فعاد الملك داود الى بلاده وتفرّق الأمراء وكان عماد الدين زنكي بالجانب الغربي فعبر اليه الخليفة الراشد وسار معه الى الموصل في نفر يسير من أصحابه ودخل السلطان مسعود الى بغداد واستقرّ بها وجمع القضاة والشهود والفقهاء وعرض عليهم اليمين التي حلف بها الراشد له وفيها بخطّ يده: انني متى جنّدت او خرجت او لقيت أحدا من اصحاب السلطان مسعود بالسيف فقد خلعت نفسي من الأمر. فأفتوا وخلع وقطعت خطبته من بغداد وسائر البلاد وكانت خلافته احد عشر شهرا وثمانية عشر يوما.

وفي سنة ثلثين وخمسمائة كان ابو عليّ المهندس المصريّ موجودا بمصر قيّما بعلم الهندسة وكان فاضلا فيه وفي الأدب وله شعر يلوح عليه الهندسة فمن شعره:

تقسّم قلبي في محبة معشر ... بكل فتى منهم هواي منوط

كأنّ فؤادي مركز وهم له ... محيط واهواي لديه خطوط

وله ايضا:

اقليذس العلم الذي هو يحتوي [١] ... ما في السماء معا وفي الآفاق

هو سلّم وكأنما اشكاله ... درج الى العلياء للطرّاق

تزكو فوائده على إنفاقه ... يا حبّذا زاك على الإنفاق

ترقى به النفس الشريفة مرتقى ... أكرم بذاك المرتقي والراقي

[(المقتفي بن المستظهر)]

لما قطعت خطبة الراشد بالله تقدّم السلطان مسعود بعمل محضر يذكر فيه ما ارتكبه الراشد من أخذ الأموال وأشياء تقدح في الامامة ثم كتبوا فتوى: ما تقول العلماء في هذه صفته هل يصلح للامامة ام لا. فأفتوا أن من هذه صفته لا يصلح ان يكون إماما. فاستشار السلطان جماعة من اعيان بغداد فيمن يصلح ان يلي الخلافة فذكر الوزير محمد بن المستظهر ودينه وعقله ولين جانبه وعفته فأحضر المذكور وأجلس في الميمنة ودخل السلطان والوزير وتحالفا وقررّ الوزير القواعد بينهما


[١-) ] هو يحتوي. في احدى نسختي اكسفورد «يحوى به» وهو الصواب.