للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخرج السلطان من عنده وحضر الأمراء والقضاة والفقهاء وبايعوه ثاني عشر ذي الحجة سنة ثلثين وخمسمائة ولقّب المقتفي لأمر الله.

وفي سنة احدى وثلثين فارق الراشد المخلوع أتابك زنكي من الموصل وسار الى همذان وبها الملك داود. وفيها رحل الى أصفهان. فلما كان آخر رمضان وثب عليه نفر من الخراسانيّة الذين كانوا في خدمته فقتلوه وهو يريد القيلولة وكان في أعقاب مرض قد برأ منه ودفن بظاهر أصفهان بشهرستان وكان عمره أربعين سنة. وفي سنة اثنتين وثلثين وصل أتابك زنكي الى حماة وأرسل الى شهاب الدين صاحب دمشق يخطب اليه امّه ليتزوجها واسمها زمرّد خاتون ابنة جاولي وهي التي بنت المدرسة بظاهر دمشق على نهر بردى. فتزوجها وتسلّم حمص مع قلعتها وانما حمله على التزوّج بها ما رآه من تحكمها في دمشق فظنّ انه يملك البلد بالاتصال إليها فلما تزوّجها خاب أمله ولم يحصل على شيء فأعرض عنها. وفيها ملك حسام الدين تمرتاش بن ايلغازي صاحب ماردين قلعة الهتّاخ أخذها من بعض بني مروان وهو آخر من بقي منهم له ولاية. وفي سنة ثلث وثلثين ملك أتابك زنكي بن اقسنقر بعلبكّ. وفي سنة اربع ملك زنكي شهرزور وأعمالها. وفي سنة سبع وثلثين وخمسمائة توفي محمد بن دانشمند صاحب ملطية والثغر واستولى على بلاده الملك مسعود بن قلج ارسلان صاحب قونية وهو من السلجوقية.

وفي سنة تسع وثلثين فتح أتابك عماد الدين زنكي مدينة الرها من الفرنج وحاصر قلعة البيرة وهي للفرنج بعد ملك الرها وهي من امنع الحصون وضيّق عليها وقارب ان يفتحها فجاءه خبر قتل نصير الدين نائبه بالموصل فسار عنها. فخاف من بالبيرة من الفرنج ان يعود إليها فأرسلوا الى نجم الدين صاحب ماردين وسلّموها اليه فملكها المسلمون.

وفي سنة أربعين وخمسمائة لخمس مضين من ربيع الآخر قتل أتابك عماد الدين زنكي بن اقسنقر صاحب الموصل والشام وهو يحاصر قلعة جعبر قتله جماعة من مماليكه ليلا غيلة وهربوا الى قلعة جعبر. فصاح من بها من أهلها الى العسكر يعلمونهم بقتله فأظهروا الفرح. فدخل أصحابه اليه فأدركوه وبه رمق وفاضت نفسه لوقته وكان قد زاد عمره على ستين سنة قد وخطه الشيب وكان شديد الهيبة على عسكره ورعيته عظيم السياسة وكانت الموصل قبل ان يملكها أكثرها خراب بحيث يقف الإنسان قريب محلّة الطبّالين ويرى الجامع العتيق والعرصة ودار السلطان ليس بين ذلك عمارة. وكان الإنسان لا يقدر على المشي في الجامع العتيق الا ومعه من يحميه وهو الآن في وسط العمارة. وكانت