للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبنى قسطنطينوس بيعة عظيمة بالقسطنطنية وسماها أجيا سوفيا اي حكمة القدوس.

وبيعة أخرى على اسم السلّيحين. وبنى بيعة بمدينة بعلبك وكان أهلها يتشاركون في النساء ولم يخلص لأحدهم نسب فكفّهم عن ذلك فكفّوا. وبنى بأنطاكية هيكلا ذا ثماني زوايا على اسم السيدة. وفي أيامه حاصر سابور ملك الفرس مدينة نصيبين ثلثين يوما. وبدعاء مار يعقوب اسقفها ومار افريم تلميذه رحل عنها خائبا. وفي عودته غزا ما بين النهرين. فنهض قسطنطينوس لمحاربته وعند وصوله الى نيقوموذيا أدركته المنية سنة اثنتين وأربعين وستمائة للإسكندر [١] وذلك يوم الأحد لثمان بقين من أيار وكان عمره خمسا وستين سنة. وفي مرضه قسم الملك على أولاده الثلاثة وملّك الكبير المسمى باسمه قسطنطينوس على قسطنطينية. ورتّب الآخر المسمى قسطنطيس على مصر والشام وما بين النهرين وارمينية. ورتب الصغير المسمى قوسطوس على رومية واسفانيا وما يليها من ناحية المغرب.

وفي هذا الزمان ظهر آريوس المبتدع. هذا كان قسيسا خطيبا بالاسكندرية. فعلا ذات يوم مشهود [٢] المنبر ليخطب كعادته وابتدأ بخطبته من كلام سليمان بن داود وهو قوله: الرب خلقني في أول خلائقه. وأخذ يقرر انه عنى بذلك كلمة الله فهي مخلوقة مباينة بالجوهر لذات الله لأنها عبارة عن العقل الذي هو المعلول الاول وهو أول ما خلق الله. فكتب الملك كتابا الى جميع الاساقفة وقال فيه: انه لا شيء آثر عندي ولا أزين في عيني من خشية الله ومراقبته. وقد رأيت الآن ان تعزموا على القدوم الى مدينة نيقيا من غير وني لكي تفحصوا عن أمر دينيّ دعت الحاجة الى تحقيقه. فاجتمع ثلاثمائة وثمانية عشر اسقفا ونظروا فيما تفوه به آريوس فوجدوه مخالفا لاصل المذهب فزيّفوا علمه الفاسد ورتبوا الامانة المشهورة واجتمعت الفرق المسيحية كلها على صحتها الى يومنا هذا. وكان اجتماعهم سنة ستمائة وست وثلثين للإسكندر. وكان في هذا المجمع اسقف يرى رأي ناباطيس. فقال له الملك: لم لا توافق الجمهور في قبول من تاب عن معاصيه منيبا الى الله. فأجابه الأسقف: انه لا مغفرة لمن فرطت منه كبيرة بعد الايمان والعماد بدليل قول فولوس الرسول حيث يقول: لا يستطيع الذين ذاقوا كلمة الله ان يدّنّسوا بالخطيئة ليطهروا بالتوبة ثانية. فقال له الملك هازئا به: ان كان الأمر كما تزعم فانصب


[١-) ] والصواب سنة ثمان وأربعين وستمائة.
[٢-) ] مشهود ر مشهور.