للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاطلاع على آدابها وآثار فصاحتها من شعر ونثر وغيرهما؛ لأن أول وجهة للمجتهد هي النصوص في القرآن والسنة، وفهمها كما يفهمها العربي الذي وردت هذه النصوص بلغته، وتطبيق القواعد الأصولية اللغوية في استفادة المعاني من العبارات والمفردات.

الثاني: أن يكون على علم بالقرآن، والمراد أن يكون عليما بالأحكام الشرعية التي جاء بها القرآن، وبالآيات التي نصت على هذه الأحكام، وبطرق استثمار هذه الأحكام من آياتها، بحيث إذا عرضت له واقعة كان ميسورا له أن يستحضر كل ما ورد في موضوع هذه الواقعة من آيات الأحكام في القرآن، وما صح من أسباب نزول كل آية منها، وما ورد في تفسيرها وتأويلها من آثار، وعلى ضوء هذا يستنبط حكم الواقعة.

وآيات الأحكام في القرآن ليست كثيرة، وقد خصها بعض المفسرين بتفسير خاص. ومن الممكن أن تجمع الآيات المرتبطة بموضوع واحد بعضها مع بعض، بحيث يتيسر للإنسان أن يرجع في مجموعة واحدة إلى كل الآيات القرآنية التي تضمنت أحكامًا في الطلاق، وكل الآيات التي تضمنت أحكاما في الزواج، وفي الإرث، وفي العقوبات، وفي المعاملات، وفي غير ذلك من أنواع أحكام القرآن.

ومن الميسور أن يذكر مع كل آية ما ورد في الصحاح من سبب نزولها، وما ورد من الأحاديث التي فيها تبيين لمجملها، وما ورد من الآثار في تفسيرها؛ وبهذا تكون المجموعة القانونية في القرآن ميسورا الرجع إليها عند الحاجة، وميسورا مقارنة مواد الموضوع الواحد بعضها ببعض، وفهم كل مادة على ضوء سائر موضوعها؛ لأن القرآن يفسر بعضه بعضًا، ومن الخطأ أن تفهم آية منه على أنها وحدة مستقلة.

الثالث: أن يكون على علم بالسنة كذلك، بأن يكون عليما بالأحكام الشرعية التي وردت بها السنة النبوية بحيث يستطيع في كل باب من أبواب أعمال المكلفين أن يستحضر ما ورد في السنة من أحكام هذا الباب، ويعرف درجة سند هذه السنة من الصحة أو الضعف في الرواية، ولقد أدى العلماء للسنة النبوية خدمات جليلة، وعنوا بفحص أسانيدها ورواة كل حديث منها، حتى كفوا من جاء بعدهم مئونة البحث في الأسانيد، وصار معروفًا في كل حديث أنه متواتر، أو مشهور، أو صحيح، أو حسن، أو ضعيف.

<<  <   >  >>