للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حجيتها:

أجمع المسلمون على أن ما صدر عن رسول الله، من قول أو فعل أو تقرير. وكان مقصودا به التشريع والاقتداء، ونقل إلينا بسند صحيح يفيد القطع، أو الظن الراجح، بصدقه يكون حجة على المسلمين، ومصدرا تشريعيا يستنبط منه المجتهدون الأحكام الشرعية لأفعال المكلفين، أي أن الأحكام الواردة في هذه السنن تكون مع الأحكام الواردة في القرآن قانونًا واجب الاتباع.

والبراهين على حجية السنة عديدة:

أولها: نصوص القرآن، فإن الله سبحانه في كثير من آي الكتاب الكريم أمر بطاعة رسوله، وجعل طاعة رسوله طاعة له. وأمر المسلمين إذا تنازعوا في شيء أن يردوه إلى الله وإلى الرسول، ولم يجعل للمؤمن خيارا إذا قضى الله ورسوله أمرا، ونفى الإيمان لمن لم يطمئن إلى قضاء الرسول ولم يسلم له، وفي هذا كله برهان من الله على أن تشريع الرسول هو تشريع إلهي واجب اتباعه.

قال تعالى: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ} ، وقال سبحانه: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} ، وقال: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} . وقال: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} . وقال: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} ، فهذه الآيات تدل باجتماعها وتساندها دلالة قاطعة على أن الله يوجب اتباع الرسول فيما شرعه.

وثانيها: إجماع الصحابة رضوان الله عليهم في حياته، وبعد وفاته على وجوب اتباع سننه، فكانوا في حياته يمضون أحكامه ويمتثلون لأوامره ونواهيه وتحليله وتحريمه، ولا يفرقون في وجوب الاتباع بين حكم أوحي إليه في القرآن وحكم صدر عن الرسول نفسه، ولهذا قال معاذ بن جبل: "إن لم أجد في كتاب حكم ما أقضي به ما قضيت بسنة رسول الله". وكانوا بعد وفاته إذا لم يجدوا في

<<  <   >  >>