للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اتفق على الحكم الشرعي في الواقعة، مجتهد والحرمين فقط، أو مجتهدو العراق فقط، أو مجتهدوا الحجاز، أو مجتهدو آل البيت أو مجتهدو أهل السنة دون مجتهدي الشيعة١، لا ينعقد شرعا بهذا الاتفاق الخاص إجماع؛ لأن الإجماع لا ينعقد إلا بالاتفاق العام من جميع مجتهدي العالم الإسلامي في عهد الحادثة، ولا عبرة بغير المجتهدين.

الثالث: أن يكون اتفاقهم بإبداء كل واحد منهم رأيه صريحا في الواقعة سواء أكان إبداء الواحد منهم رأيه قولا لأن أفتى في الواقعة بفتوى، أو فعلا بأن قضى فيها بقضاء، وسواء أبدى كل واحد منهم رأيه على انفراد وبعد جمع الآراء تبين اتفاقها، أم أبدوا آراءهم مجتمعين بأن جمع مجتهدو العالم الإسلامي في عصر حدوث الواقعة وعرضت عليهم، وبعد تبادلهم وجهات النظر اتفقوا جميعا على حكم واحد فيها.

الرابع: أن يتحقق الاتفاق من جميع المجتهدين على الحكم، فلو اتفق أكثرهم لا ينعقد باتفاق الأكثر إجماعًا مهما قل عدد المخالفين، وكثر عدد المتفقين؛ لأنه ما دام قد وجد اختلاف وجد احتمال الصواب في جانب والخطأ في جانب، فلا يكون اتفاق الأكثر حجة شرعية قطعية ملزمة.

حجيته:

إذا تحققت أركان الإجماع الأربعة بأن أحصى في عصر من العصور بعد وفاة الرسول جميع من فيه من مجتهدي المسلمين على اختلاف بلادهم وأجناسهم وطوائفهم، وعرضت عليهم وقعة لمعرفة حكمها الشرعي، وأبدى كل مجتهد منهم رأيه صراحة في حكمها بالقول أو بالفعل مجتمعين أو منفردين، واتفقت آراؤهم جميعا على حكم واحد في هذه الواقعة -كان هذا الحكم المتفق عليه قانونا شرعيا واجبا اتباعه ولا يجوز مخالفته، وليس لمجتهدين في عصر تال أن يجعلوا هذه الواقعة موضع اجتهاد؛ لأن الحكم الثابت فيها بهذا الإجماع حكم شرعي قطعي لا مجال لمخالفته ولا لنسخه.

والبرهان على حجية الإجماع ما يأتي:

أولا: أن الله سبحانه وتعالى كما أمر المؤمنين بطاعته وطاعة رسوله أمرهم بطاعة أولي الأمر منهم، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا


١ هذا الكلام فيه نظر. أ. هـ مصححة.

<<  <   >  >>