للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الانتفاع، فكما يدخل المسيل والشرب والطريق في إجارة الأطيان بدون ذكرها تدخل في وقف الأطيان بدون ذكرها.

٢- نص فقهاء الحنفية على أنه إذا اختلفت البائع والمشتري في مقدار الثمن قبل قبض المبيع، فادعى البائع أن الثمن مائة جنيه، وادعى المشتري أنه تسعون يتحالفان استحسانًا، والقياس أن لا يحلف البائع؛ لأن البائع يدعي الزيادة "وهي عشرة" والمشتري ينكرها، والبينة على من ادعى واليمين على من أنكر فلا يمين على البائع، ووجه الاستحسان: أن البائع مدع ظاهرا بالنسبة إلى الزيادة ومنكر حق المشتري في تسلم المبيع بعد دفع التسعين، والمشتري منكر ظاهرًا الزيادة التي ادعاها البائع، وهي العشرة ومدع حق تسلمه المبيع بعد دفع التسعين، فكل واحد منهما مدع من جهة ومنكر من جهة أخرى فيتحالفان.

فالقياس الظاهر: إلحاق هذه الواقعة بكل واقعة بين مدع ومنكر، فالبينة على من ادعى، واليمين على من أنكر.

والقياس الخفي: إلحاق الواقعة بكل واقعة بين متداعيين، كل واحد منهما يعتبر في آن واحد مدعيا ومنكرا فيتحالفان.

٣- نص فقهاء الحنفية على أن سؤر سباع الطير كالنسر والغراب والصقر والبازي، والحدأة والعقاب طاهر استحسانا نجس قياسا.

وجه القياس: أنه سؤر حيوان محرم لحمه كسؤر سباع البهائم كالفهد والنمر والسبع والذئب، وحكم سؤر الحيوان تابع لحكم لحمه.

وجه الاستحسان: أن سبع الطير وإن كان محرما لحمها إلا أن لعابها المتولد من لحمها لا يختلط بسؤرها؛ لأنها تشرب بمنقارها وهو عظم طاهر، وأما سباع البهائم، فتشرب بلسانها المختلط بلعابها فلهذا ينجس سؤرها.

ففي كل مثال من هذه الأمثلة، تعارض في الواقعة قياسان أحدهما جلي متبادر فهمه، والآخر خفي دقيق فهمه، وقام للمجتهد دليل رجح القياس الخفي فعدل عن القياس الجلي فهذا العدول هو "الاستحسان"، والدليل الذي بني عليه هو وجه الاستحسان.

<<  <   >  >>